وقال
ابن عبد البرّ فيه إنّ الأذان لم يتغيّر عمّا كان عليه ، وكذا قال عطاء : ما أعلم تأذينهم اليوم يخالف تأذين من مضى ، وفيه تغيير الأحوال عمّا كانت عليه زمن الخلفاء الأربعة في أكثر الأشياء .
واحتجّ
بهذا من لم ير عمل أهل المدينة حجّةً وقال : لا حجّة إلّا فيما نُقل بالأسانيد الصحاح عن النبيّ أو عن الخلفاء الأربعة ومَن سلك سبيلهم
.
نعم
، إنّهم علّلوا عملهم بعلل ، منها قولهم : وحكمته أنّ الفجر يدخل وفي الناس الجُنب والنائم ، فجاز بل نُدب تقديمه ليتهيّؤوا لإدراك فضيلة أوّل الوقت
.
أقول :
لو
صحّ تعليلهم هذا ، وصحّت الحكمة التي قالوها للزمهم النداء به بجمل تختلف عن النداء الشرعي مثل : « قوموا من رقدتكم أيّها النيام وهلمّوا إلى الصلاة » ، «
عجّلوا بالصلاة »
، أو «
الصلاة مندوبة »
، وما شابه ذلك ، لا أن يُشهَد بمثل الأذان الشرعي بفصوله وألفاظه بحيث يتوهّم النائم بأنّه أذان لصلاة الفجر .
فعدم
النداء بتلك العبارات يجعل المكلّف في حيرة من أمره ، إذ إنّ نداء التهجّد والتنبيه أصبح يشبه أذان الفجر ، في حين أنّ ذلك لا يجوز وقد عرفت بأنّ رسول الله أمر بلالاً أن يرجع وينادي : ألا أنّ العبد نام !! لِكَي يرتفع الالتباس الواقع
على الناس . فكيف يُشرَّع التوهيم من قِبل رسول
الله ـ حاشاه ـ ؟! إنّ هذا شيء عجيب .
______________________