بعضهم ، فعاده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم توفى ، فتولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم غسله وتكفينه ودفنه ، فقالت المهاجرون : هاجرنا ديارنا وأموالنا وأهلينا ، فما نرى أحدا منا لقى فى حياته ولا موته ما لقى هذا الغلام ، وقالت الأنصار : آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا ، فآثر علينا عبدا حبشيا ، فنزلت (١).
وقال صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ، وإنما أنتم بنو آدم ، أكرمكم عند الله أتقاكم ، وأنتم تقولون : فلان بن فلان ، وأنا اليوم أرفع نسبى وأضع أنسابكم ، أين المتقون» (٢). وقيل : يا رسول الله ، من أكرم النّاس؟ قال : «أتقاهم» (٣). ه وأنشدوا :
ما يصنع العبد بعزّ الغنى |
|
والعز كل العزّ للمتّقى |
من عرف الله فلم تغنه |
|
معرفة الله فذاك الشّقى |
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، عليم بكرم القلوب وتقواها ، خبير بهمم النّفوس فى هواها.
الإشارة : كان سيدنا علىّ رضي الله عنه يقول : «ما لابن آدم والفخر ، أوله نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وفيما بينهما يحمل العذرة» وكان ينشد :
الناس من جهة التمثيل أكفاء |
|
أبوهم آدم والأم حوّاء |
ومن يرم منهم فخرا بذي نسب |
|
فإن أصلهم الطّين والماء |
ما الفخر إلا لأهل العلم إنّهم |
|
على الهدى لمن اهتدى أدلّاء |
وقدر كل امرئ ما كان يتقنه |
|
والجاهلون لأهل العلم أعداء (٤) |
__________________
(١) ذكره الواحدي فى أسباب النّزول (ص ٤١١ ـ ٤١٢) بدون إسناد.
(٢) أخرجه إلى قوله : «وأعمالكم» مسلم فى (البر والصلة ، باب تحريم ظلم المسلم وخذله ، رقم ٢٥٦٤ ، ح ٣٤) من حديث أبى هريرة رضي الله عنه. والجزء الثاني جاء فى حديث ، لفظه : «إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادى : ألا إنى جعلت نسبا وجعلتم نسبا ، فجعلت أكرمكم أتقاكم ، فأبيتم إلا أن تقولوا : فلان بن فلان خير من فلان بن فلان ، فاليوم أرفع نسبى وأضع نسبكم ، أين المتقون؟» الحديث أخرجه الطبراني فى الأوسط (ح ٤٥١١) والصغير (٦٣٤) وبنحوه البيهقي فى الشعب (ح ٥١٣٩) عن أبى هريرة رضي الله عنه.
(٣) بعض حديث أخرجه البخاري فى (التفسير ، سورة يوسف ، باب : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) ح ٤٦٨٩) ومسلم فى (الفضائل ، باب من فضائل يوسف عليهالسلام رقم ٢٣٧٨) عن أبى هريرة رضي الله عنه. ولفظ البخاري : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أي النّاس أكرم؟ قال : «أكرمهم عند الله أتقاهم» ولفظ مسلم نحوه.
(٤) هكذا فى الأصول ، وانظر ديوان «الإمام علىّ» جمع وضبط «نعيم زرزور» (ص ٥ ـ ٦) وتفسير القرطبي (٧ / ٦٣٤٧) وإتحاف السادة المتقين (١ / ٨٨) فقد جاءت الأبيات فيها بأتم من هنا مع اختلاف.