مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (٥٣) إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤))
قلت : (جنات) : عطف بيان لحسن مآب ، أو : بدل. و (مفتحة) : حال من (جنات عدن). والعامل فيها : الاستقرار فى (للمتقين). و (الأبواب) : نائب الفاعل لمفتّحة. والرّابط بين الحال وصاحبها : إما ضمير مقدّر ، كما هو رأى البصريين ، أي : الأبواب منها ، أو : الألف واللام القائم مقامه ، كما هو رأى الكوفيين ، أي : أبوابها. و (متكئين) : حال من ضمير (لهم) ، والعامل فيه : (مفتحة). و (يدعون) : إما استئناف ، أو : حال مما ذكر ، أو : من ضمير (متكئين).
يقول الحق جل جلاله : (هذا) أي : هذا الذي ذكر من الآيات النّاطقة بمحاسن الأنبياء والرّسل ، (ذِكْرٌ) أي : شرف لهم ، وذكر جميل يذكرون به أبدا ، أو : نوع من الذكر ، أي : القرآن. وآي منه مشتمل على أنباء الأنبياء ، أو : تذكير ووعظ ؛ لأنه يذكر أحوال الأكابر ليقتدى بهم ، أو : ذكر من مضى الأنبياء ، أو : شرف لك ؛ لأنه معجزة لك يدلّ على صدقك ، (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) أي : جنس المتقين ، أو : من ذكر من الرّسل ، عبّر عنهم بالمتقين مدحا لهم بالتقوى ؛ إذ هى غاية الكمال. (لَحُسْنَ مَآبٍ) ؛ مرجع.
ثم بيّنه بقوله : (جَنَّاتِ عَدْنٍ) ؛ إقامة (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) فإذا جاءوها لا يلحقهم ذلّ الحجاب ، ولا كلفة الاستئذان ، تستقبلهم الملائكة بالتبجيل والترحيب ، (مُتَّكِئِينَ فِيها) على أرائكهم فى حجالهم ، (يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ) مما يشتهون (وَشَرابٍ) كثير كذلك ، حذف اكتفاء بالأول ، والاقتصار على دعاء الفاكهة للإيذان بأن مطاعمهم لمحض [التفكه] (١) والتلذذ ، دون التغذي والحاجة ، فإنه لا تحلل فى الأبدان ولا حاجة.
(وَعِنْدَهُمْ) حور (قاصِراتُ الطَّرْفِ) على أزواجهن ، لا ينظرون إلى غيرهم ، (أَتْرابٌ) ؛ لدات ، أسنانهنّ كأسنانهم. قيل : ثلاث وثلاثون سنة لكل واحد ، أو : مستويات فى الحسن والجمال والشكل ؛ لأن التحاب بين الأقران أبلغ وأثبت ، وقيل : أتراب بعضهن لبعض ، لا عجوز فيهن ولا صبية. واشتقاقه من التراب ، فإنه [يمسّهن] (٢) فى وقت واحد.
__________________
(١) فى الأصول [الفاكهة].
(٢) فى الأصول الخطية [يمسهم].