التي تعقب حياة القبر كما تزعمون ، (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) ؛ بمبعوثين ، (فَأْتُوا بِآبائِنا) ، خطاب لمن كان بعدهم النّشر ، من الرّسول والمؤمنين ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي : إن صدقتم فيما تقولون ، فعجّلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربكم ، حتى يكون دليلا على أن ما تعدونه من البعث حق.
قيل : كانوا يطلبون أن ينشر لهم قصىّ بن كلاب ، ليشاوروه ، وكان كبيرهم ومفزعهم فى المهمات ، قال تعالى : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) ، ردّ لقولهم وتهديد لهم ، أي : أهم خير فى القوة والمنعة ، اللتين يدفع بهما أسباب الهلاك ، أم قوم تبع الحميرى؟ وكان سار بالجيوش حتى حيّر الحيرة ، وبنى سمرقند ، وقيل : هدمها ، وكان مؤمنا وقومه كافرين ، ولذلك ذمهم الله ـ تعالى ـ دونه ، وكان يكتب فى عنوان كتابه : بسم الله الذي ملك برا وبحرا ومضحا وريحا.
قال القشيري : كان تبع ملك اليمن ، وكان قومه فيهم كثرة ، وكان مسلما ، فأهلك الله قومه على كثرة عددهم وكمال قوتهم. ه. روى عنه عليهالسلام أنه قال : «لا تسبوا تبعا فإنه كان مؤمنا» (١) ه. وقيل : كان نبيا ، وفى حديث أبى هريرة عنه صلىاللهعليهوسلم قال : «لا أدرى تبعا كان نبيا أو غير نبى» (٢).
وذكر السهيلي : أن الحديث يؤذن بأنه واحد بعينه ، وهو ـ والله أعلم ـ أسعد أبو كرب ، الذي كسا الكعبة بعد ما أراد غزوه ، وبعد ما غزا المدينة ، وأراد خرابها ، ثم انصرف عنها ، لما أخبر أنها مهاجر نبى اسمه «أحمد» وقال فيه شعرا ، وأودعه عند أهلها ، فكانوا يتوارثونه كابرا عن كابر ، إلى أن هاجر النّبى صلىاللهعليهوسلم فأدوه إليه. ويقال : كان الكتاب والشعر عند أبى أيوب الأنصاري ، حتى نزل عليه النّبى صلىاللهعليهوسلم فدفعه إليه ، وفى الكتاب الشعر ، وهو :
شهدت على أحمد (٣) أنه |
|
رسول من الله بارى النّسم |
فلو مدّ عمرى إلى عمره |
|
لكنت وزيرا له وابن عم |
وألزمت طاعته كلّ من |
|
على الأرض ، من عرب وعجم |
ولكن قولى له دائما |
|
سلام على أحمد فى الأمم |
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد (٥ / ٣٤٠) والبغوي فى التفسير (٧ / ٢٣٤) وزاد السيوطي عزوه فى الدر (٥ / ٧٥٠) للطبرانى وابن أبى حاتم وابن مردويه ، من حديث سهل بن سعد ، وقال ابن حجر فى الكافي الشاف (ص / ١٤٨) : «وفيه ابن لهيعة عن عمرو بن جابر ، وهما ضعيفان».
(٢) أخرجه الحاكم (١ / ٣٦) والبيهقي فى السنن (٨ / ٣٢٩) والبغوي فى التفسير (٧ / ٢٣٥) وعزاه الحافظ ابن حجر فى الكافي (ص ١٤٨) للثعلبى ، من حديث أبى هريرة ، رضي الله عنه ، والحديث صحّحه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٣) كلمة «أحمد» ممنوعة من الصرف هذا ، وصرفت هنا لضرورة الشعر.