إذاية ، أو صدر منهم إحسان ، والله أعلم بأسرار غيبه ، وأما أهل التوحيد فحالهم فى النّار أرفق من هذا ، بل حالهم فيها أروح من حال الدنيا من وجه.
قال القشيري : ولقد قال الشيوخ ، إن حال المؤمنين فى النّار ـ من وجه ـ أروح لقلوبهم من حالهم اليوم فى الدنيا ؛ لأن اليوم خوف الهلاك ؛ وغدا يقين النّجاة ، وأنشدوا :
عيب السلامة أنّ صاحبها |
|
متوقّع لقواصم الظّهر |
وفضيلة البلوى ترقّب أهلها |
|
عقبى الرّجاء ودورة الدّهر (١) |
ثم قال فى قوله تعالى : (وَنادَوْا يا مالِكُ) لو قالوا : يا ملك بدل من يا مالك لكان أقرب إلى الإجابة ، ولكنّ الأجنبية حالت بينهم وبين ذلك. ه. أي : تعلقهم بالمخلوق دون الخالق. وقوله تعالى : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً ...) إلخ ، هى عادته تعالى مع خواصه كيفما كانوا ، يرد كيد من كادهم فى نحره. وقوله تعالى : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ...) إلخ ، قال القشيري : إنما خوّفهم بسماع الملائكة ، وكتابتهم أعمالهم عليهم ، لغفلتهم عن الله ، ولو كان لهم خبر عن الله لما [خوفهم] (٢) بغير الله ، ومن علم أن أعماله تكتب عليه ، ويطالب بمقتضاها ، قلّ إلمامه بما يخاف أن يسأل عنه. ه.
ثم ردّ على من زعم اتخاذ الولد لله تعالى ، كعيسى والملائكة ، فقال :
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦))
__________________
(١) فى القشيري : [عقب الرّجاء مودة الدهر].
(٢) فى القشيري [خافوهم].