وفى الحكم : «ما حجبك عن الله وجود موجود معه ؛ إذ لا شىء معه ، وإنما حجبك توهم موجود معه» (١) وقال أيضا : «الأكوان ثابتة بإثباته ، ممحوة بأحدية ذاته» فأحدية الذات محت وجود الأشياء كلها ، ولم يبق إلا القديم الأزلى.
وقال القطب ابن مشيش لأبى الحسن رضي الله عنه : يا أبا الحسن ، حدد بصر الإيمان تجد الله فى كلّ شىء ، وعند كل شىء ، ومع كلّ شىء ، وقبل كلّ شىء ، وبعد كلّ شىء ، وفوق كلّ شىء ، وتحت كلّ شىء ، وقريبا من كلّ شىء ، ومحيطا بكلّ شىء ، بقرب هو وصفه ، وبحيطة هى نعته ، وعد عن الظرفية والحدود ، وعن الأماكن والجهات ، وعن الصحبة والقرب فى المسافات ، وعن الدور بالمخلوقات ، وأمحق الكلّ بوصفه الأول والآخر والظاهر والباطن ، وهو هو هو ، كان الله ولا شىء معه ، وهو الآن على ما عليه كان. ه.
وقوله : وعد عن الجهات : جاوز عن اعتقادها ؛ إذ لا ظرف ، ولا حد ، ولا مكان ، ولا جهة ، إذ الكلّ عظمة ذاته ، وأنوار وصفاته ، والحد إنما يتصور فى المحدود ، ولا حد لعظمة ذاته ولا نهاية ، ولا يحصرها مكان ، ولا جهة ؛ إذ الكلّ منه وإليه وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق ، وصلّى الله على سيدنا ومولانا محمد ، عين بحر التحقيق ، وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما (٢).
__________________
(١) (حكمة ١٣٧) انظر الحكم بترتيب المتقى الهندي (ص ٣٤).
(٢) فى آخر المجلد الثالث فى المخطوطة الأم ، والمحفوظة بمكتبة السيد الفريق حسن التهامي مايلى : كمل الجزء الثالث بحول الله وقوته ، ووافق الفراغ من تبييضه يوم الأربعاء ، تاسع رمضان ، عام تسعة عشر ومائتين وألف ، والحمد لله رب العالمين. انتهى استخراجه من مبيضته بحمد الله وتوفيقه عشية الأربعاء ، السادس عشر من رمضان المعظم ، موافقا لتاريخ التبييض من هاك العام ، وعلى نبينا محمد أزكى الصلاة والسّلام.