وما عذّب قوم إلا فى الأربعاء. قيل : أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين ، ودامت الرّياح عليهم من غير مطر. قيل ، إذا أراد الله بقوم خيرا ، أرسل عليهم المطر ، وحبس عنهم كثرة الرّياح ، وإذا أراد الله بقوم شرا ، حبس عنهم المطر ، وأرسل عليهم كثرة الرّياح. ه.
(لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، أضاف العذاب إلى الخزي ، وهو الذل ، على أنه وصف للعذاب ، كأنه قال : عذاب خزى ، ويدل عليه قوله : (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) أي : أذل لصاحبه ، وهو فى الحقيقة وصف للمعذّب ، وصف به العذاب للمبالغة ، كقولك : له شعر شاعر. (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) برفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه.
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) ؛ دللناهم على الرّشد ، بنصب الآيات التكوينية ، وإرسال الرّسل ، وإنزال الآيات التشريعية ، (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) أي : اختاروا الضلالة على الهداية ، (فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) أي : داهية العذاب الذي يهين صاحبه ويخزيه ، وهى الصيحة والرّجفة ، والهون : الهوان ، وصف به للمبالغة ، (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي : بكسبهم الخبيث من الشرك والمعاصي.
قال الشيخ : أبو منصور : يحتمل قوله : (فَهَدَيْناهُمْ) : بيّنا لهم ، كما تقدم ، ويحتمل : خلق الهداية فى قلوبهم ، فصاروا مهتدين ، ثم كفروا بعد ذلك ، وعقروا النّاقة ، لأن الهدى المضاف إلى الخالق يكون بمعنى البيان ، ويكون بخلق فعل الاهتداء ، وأما الهدى المضاف إلى الخلق فيكون بمعنى البيان ، لا غير. ه.
وقال الطيبي : قوله تعالى : (فَهَدَيْناهُمْ) هو كقوله تعالى : (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ) (١). وقوله : (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) هو كقوله : (قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا ...) الآية (٢). وكذا فى قوله : (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ) ، فإن الفاء فى «فاستكبروا» فصيحة ، تفصح عن محذوف ، أي : فهديناهم فاستكبروا بدلالة ما قيل فى ثمود. ه.
(وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي : اختاروا الهدى على العمى ، من تلك الصاعقة ، (وَكانُوا يَتَّقُونَ) الضلالة والتقليد.
__________________
(١) من الآية ١٤ من سورة فصلت.
(٢) من الآية ١٤ من سورة فصلت