تأنيث المضاف إليه ، هو الشائع المستفيض ، والتأنيث قليل ؛ لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث فى الأسماء غير الصفات ، نحو : حمار وحمارة غريب ، وهى فى «أىّ» أغرب ؛ لإبهامه.
الإشارة : ما أعظم قدرك أيها الإنسان إن اتقيت الله ، وعرفت نعمه ، فقد سلطك على ما فى الكون بأسره ، الحيوانات تخدمك ؛ وتنتفع بها ، أكلا ، وركوبا ، وملبسا ، وحملا ، والبحر يحملك ، والأرض تقلك ، والسماء تظلك ، وما قنع لك بالدنيا حتى ادخر لك الآخرة ، التي هى دار الدوام ، فإن شكرت هذه النّعم فأنت أعز ما فى الوجود ، وإن كفرتها فأنت أهون ما فى الوجود. وبالله التوفيق.
ولا تعرف حقائق النّعم إلا بالتفكر ، ولذلك أمر به إثر ذكرها ، فقال :
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (٨٥))
يقول الحق جل جلاله : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) أي : أقعدوا فلم يسيروا (فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم المهلكة ، (كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ) عددا (وَأَشَدَّ قُوَّةً) فى الأبدان والأموال ، (وَ) أشد (آثاراً فِي الْأَرْضِ) أي : تركوا آثارا كثيرة بعدهم ، من الأبنية ، والقبور ، والمصانع ، فكانوا أشدّ منهم ، وقيل : هى آثار أقدامهم فى الأرض ؛ لعظم أجرامهم ، (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي : لم يغن عنهم ذلك شيئا حين نزل بهم العذاب ، أو : أي شىء أغنى عنهم مكسوبهم أو كسبهم؟ على أنّ «ما» استفهام.
(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) ؛ بالمعجزات الواضحة ، (فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) يريد علمهم بأمور الدنيا ، ومعرفتهم بتدبيرها ، كما قال : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (١) ،
__________________
(١) الآية ٧ من سورة الرّوم.