تصرح باسم أهل البيت والعترة ، وحتى أنّ كلمة أهل البيت تكررت في بعضها ثلاث مرات ، وتم التأكيد عليهم ، وفي بعضها جاء اسم عليّ عليهالسلام بالنص ، وأنّ النبي صلىاللهعليهوآله أخذ بيده وعرَّف به ، ويبدو أنّ سلاطين الزمان قاموا بهذا التغيير للإفلات من مؤاخذات الناس ، إلّاأنّهم لم يستطيعوا التحريف.
فضلاً عن أنّ هاتين الروايتين على فرض صحة حديث «وسنتي» لاتتعارضان ، ففي مكان يوصي النبي صلىاللهعليهوآله بالكتاب والسنّة ، وفي مكان آخر بالكتاب والعترة ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله وكما أسلفنا قد أدلى بهذا الحديث مرات عديدة وفقاً للروايات التي وردت في المصادر المشهورة لأهل السنّة ، فتارة في حجة الوداع ، واخرى أثناء عودته من الطائف ، ومرّة في المدينة وعلى المنبر ، واخرى على فراش المرض والوفاة (١) ، فما الضير في أن يقول مرات ومرات : «وعترتي» ومرة واحدة : كتاب الله وسنتي؟
وهل هنالك شخص ينكر أنّ سنّة النبي صلىاللهعليهوآله هي احدى آثاره العظيمة ، التي يجب العمل بها؟ وهل يمكن لمسلم أن يغض الطرف عن سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله التي أكد عليها القرآن ، وقال : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهاكُمْ عَنهُ فَانتَهوُا). (الحشر / ٧)
إنّ هذا المعنى لا يتعارض والتأكيد على اتباع العترة والتمسك بها الوارد في الموارد الاخرى.
وبتعبير آخر : إنّ اختيار إحدى الروايتين يكون في موضع يتعارضان فيه ، والحال أنّهما لا يتعارضان على الاطلاق ، إنّ التمسك بهدى أهل البيت عليهمالسلام هو أحد المصاديق البارزة للعمل بسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله فمن اطاع أهل البيت عليهمالسلام فقد عمل بسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والذي أدار ظهره لهم وقدم اختياره على اختيار رسول الله صلىاللهعليهوآله فقد تمرد على رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وعلى أي حالٍ لا يمكن التنصل من المسؤولية التي حمَّلتها إيّانا أحاديث الثقلين الأحاديث المتواترة بلا شك ، ولا يمكن التغاضي عنها من ناحية السند والبرهان.
ونختم الكلام بشعر أورده الإمام الشافعي بهذا الصدد :
__________________
(١) لقد تمّت الإشارة إلى هذه الموارد سابقاً ، ويجدر القول إنّ المرحوم السيد شرف الدين قد أشار إلى الموارد في الرسالة الثامنة في كتابه المراجعات.