٢ ـ هل الإمامة من الاصول أم من الفروع؟
يتبيّن جواب هذا السؤال ممّا قيل في البحث السابق ، لأنّ الآراء مختلفة في مسألة الإمامة ، يقول «الفضل بن روزبهان» صاحب «نهج الحق» الذي يعتبر «احقاق الحق» رداً عليه ، مايلي : «إنّ مبحث الإمامة عند الأشاعرة ليس من اصول الديانات والعقائد بل هي عند الأشاعرة من الفروع المتعلقة بأفعال المكلّفين» (١).
كما أنّ سائر مذاهب أهل السنّة لا يختلفون مع الأشاعرة في ذلك ، لأنّهم يعتبرونها من التكاليف العملية الموكولة إلى الناس ، في حين أنّ الشيعة واتباع أهل البيت عليهمالسلام ونفر قليل من أهل السنة كالقاضي البيضاوي وبعض من اتباعه يعتبرونها من اصول الدين (٢).
والدليل هو أنّهم يعدون الإمامة منصباً إلهياً يجب أن يعين من قبل الله تعالى ، وأحد شروطهاالعصمة التي لا يعلمها إلّاالله ، والإيمان بالائمة واجب كالايمان بالنبي صلىاللهعليهوآله الباني الأول لقواعد الشريعة ، إلّاأنّ هذا لا يعني أنّ الشيعة يعتبرون المخالفين لهم في قضية الإمامة كافرين ، بل إنّهم يعتبرون جميع الفرق مسلمين ، وينظرون إليهم على أنّهم اخوةٌ في الدين ، وإن لم يقبلوا آراءَهم في مسألة الإمامة ، ومردُّ ذلك لكونهم يقسمون اصول الدين الخمسة إلى قسمين ، الاصول الثلاثة الاولى ، التوحيد والنبوة والمعاد على أنّها اصول الدين ، والإمامة والعدل بأنّها اصول المذهب.
نختتم هذا الكلام بحديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام ـ الذي يعتبر ملهماً لاتباع أهل البيت عليهمالسلام ـ في مسألة الإمامة : «إنّ الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعزّ المؤمنين ، إنّ الإمامة اسُّ الإسلام النامي وفرعه السامي بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وامضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والاطراف ، الإمام يحلُّ حلال الله ، ويحرّم حرام الله ، ويقيم حدود الله ويذبُ عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة» (٣).
__________________
(١) احقاق الحق ، ج ٢ ، ص ٢٩٤ ؛ دلائل الصدق ، ج ٢ ، ص ٤.
(٢) دلائل الصدق ، ج ٢ ، ص ٨
(٣) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٢٠٠.