شبهات واعتراضات :
إنّ دلالة الآية على الإمامة والخلافة ـ كما رأينا ـ واضحةٌ ، ولو كانت هذه الآية قد نزلت بحق الآخرين ربّما لم يجرِ حولها أَدنى جدال! ولكن لكونها قد نزلت بحق علي عليهالسلام ولا تنسجم مع الغاية الناشئة عن الطائفية ، فقد أصر البعض على إيراد الشبهات على صدر الآية وذيلها وسبب نزولها ودلالتها من كل جانب.
ويمكن تصنيف هذه الشبهات إلى صنفين : فبعضها ذات صبغة علمية ظاهراً فيجب الرد عليها بصورة علمية ، إلّاأنّ البعض يستند إلى ما يُستَشَهدُ بهِ ، وكذلك وجود المبررات حسب زعم مثيريها فينبغي أيضاً بحثها ونقدها بشكل إجمالي :
١ ـ الشبهة الاولى التي تعتبر من الصنف الأول هي أنّ الضمائر والأسماء الموصولة التي في الآية جاءت بصيغة ضمير الجمع ، مثل «الذين آمنوا» و «الذين يقيمون الصلاة» و «يوتون الزكاة» و «هم راكعون» فكيف والحالة هذه تنطبق على فردٍ واحدٍ.
فالآية تقول : إنّ أولياءكم هم الذين يتمتعون بهذه المزايا أي علي بن أبي طالب عليهالسلام.
والجواب : بالنظر إلى أن سبب نزول الآية الذي نقل بشكل مستفيض بل متواتر في كتب الشيعة والسنّة لم يبق مجال للشكّ في أنّها ناظرةٌ إلى شخص واحد ، وبتعبير آخر : إنّ الروايات والتاريخ الإسلامي يشهد بأنّ التصدق على السائل في حال الركوع يختص بعلي عليهالسلام لأنّ القائم بالتصدّق واحد ، ولم تقم به مجموعة ، من هنا لابدّ من القول : إنّ التعبير بصيغة الجمع جاء من أجل احترام وتعظيم منزلة ذلك الشخص.
وكثيراً ما يُشاهد في الأدب العربي أنّ لفظ الجمع جاء تعبيراً عن المفرد ، فمثلاً جاءت كلمة «نسائنا» في آية المباهلة بصورة الجمع ، بينما المقصود منها فاطمة الزهراء عليهاالسلام فقط طبقاً لصريح سبب النزول ، وفي نفس الآية جاءت كلمة«أنفسنا» بصيغة الجمع ، والحال أنّ الجميع يسلّمون بأنّ لا أحد شارك في المباهلة غير النبي صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام ، وجاء في القرآن أيضاً في قصة «غزوة حمراء الأسد» : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران / ١٧٣)