الجواب : أولاً : إنّ عبارة الأبطح في بعض الروايات فقط لا في جميعها ، وثانياً : إنّ «الابطح والبطحاء» تعني الأرض الرملية التي يجري فيها السيل ، وهنالك مناطق في المدينة وسائر المناطق يطلق عليها اسم الأبطح أو البطحاء أيضاً ، واللطيف أنّه قد اشير إليها مراراً في الشعر العربي.
منها : الشعر المعروف الذي أنشده «شهاب الدين» المشهور بـ «حيص بيص» في رثائه لأهل البيت عليهمالسلام ، عن لسانهم في مخاطبة قاتليهم :
ملكنا فكان العفو منّا سجية |
|
فلما ملكتم سال بالدم أبطحُ |
وحلّلتم قتل الاسارى وطالما |
|
غدونا عن الاسرى نعفُّ ونصفحُ |
ومن الواضح أنّ مقاتل أهل البيت عليهمالسلام كانت على الأغلب في العراق وكربلاء والكوفة والمدينة ، وما أُريق دمٌ في أبطح مكة أبداً ، نعم استشهد بعض أهل البيت عليهمالسلام في واقعة «الفخ» التي تبعد عن مكة ما يقرب من فرسخين ، والحال أنّ الأبطح يجاور مكة (١).
وشاعرٌ آخر يرثي الإمام الحسين عليهالسلام سيد الشهداء قائلاً :
وتأنُّ نفسي للربوعِ وقد غدا |
|
بيت النبيِّ مقطّع الاطنابِ |
بيتٌ لآلِ المصطفى في كربلا |
|
ضربوه بين اباطحٍ وروابي |
وثمّة أشعار اخرى كثيرة ورد فيها تعبير «الأبطح» أو «الأباطح» لا تعني منطقة خاصة في مكة.
وملخّص الكلام ، صحيح أنّ أحد معاني الأبطح هو بقعة في مكة ، إلّاأنّ معنى ومفهوم ومصداق الأبطح لا ينحصر بتلك البقعة.
* * *
٣ ـ كيفية ارتباط هذه الآية بما قبلها وبعدها
إنّ بعض المفسرين ومن أجل مجانبة الحقيقة الكامنة في هذه الآية توسّل بمبرر آخر
__________________
(١) الغدير ، ج ١ ، ص ٢٥٥.