(أَطِيعُوا اللهَ وأَطيعُوا الرَسُولَ وَاولىِ الأَمْرِ مِنكُم). (النساء / ٥٩)
فوجوب اطاعة الله ورسوله صلىاللهعليهوآله واضحٌ ومعلوم ، أمّا من هم المقصودون في «اولي الأمر» الذين اعتبرت اطاعتهم بموازاة اطاعة الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، فهنالك جدلٌ بين المفسرين.
يتفق علماء الشيعة وأتباع مذهب أهل البيت عليهمالسلام أنّ المراد من «اولي الأمر» هم الأئمّة المعصومون عليهمالسلام الذين هم قادة المجتمع معنوياً ومادياً في كافة شؤون الحياة ، ولا تشمل غيرهم ، لأنّ الطاعة ـ بلا قيد أو شرطٍ ـ الواردة في الآية الكريمة والتي اعتبرت موازية لطاعة الله ورسوله صلىاللهعليهوآله لا يمكن تصورها إلّابحقّ الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، وأمّا الآخرون الذين تجب طاعتهم فإنّها محدودة بحدود ومقيدة بقيود ، ولا وجود للطاعة المطلقة بشأنهم أبداً ، وهذا الأمر واضحٌ.
هذا في الوقت الذي يختلف فيه مفسرو وعلماء أهل السّنة كثيراً في معنى اولي الأمر. فمنهم من فسّرها بمعنى «الصحابة» ، ومنهم بـ «قادة الجيش» ، وبعضهم فسّرها بـ «الخلفاء الأربعة».
وهم لم يقدموا أي دليل واضح لهذه التفاسير الثلاثة.
واعتبرت طائفة اخرى «اولي الأمر» بمعنى العلماء ، مستندين إلى الآية : (وَاذَا جَاءَهُم امرٌ مِّنَ الامنِ اوِ الخَوفِ اذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ الَى الرَّسُولِ وَالَى اولِى الامْرِ مِنْهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُم). (النساء / ٨٣)
ولكن نظراً إلى أنّ الآية التي هي محل بحثنا تبحث الطاعة بلا قيد أو شرط ، والآية ٨٣ من سورة النساء تتعلق بالسؤال والتحقيق فإنّها توضح أمرين مختلفين ، ولايمكن اعتبار كلا الأمرين بمعنى واحد ، فالتحقيق من العالم أمر ، والطاعة بلا قيد أو شرط أمر آخر ، فلا يتصور الثاني إلّابصدد المعصومين ، أمّا الأول فله مفهوم أوسع.
وقد أعطى بعض مفسّري أهل السّنة احتمالاً خامساً وهو : أنّ المراد من اولي الأمر هم ممثلو طبقات الناس ، والحكام ، والزعماء ، والعلماء ، وذوو المناصب في جميع شؤون الحياة.