ويروي «السيوطي» المفسر السنّي المعروف أيضاً في «الدر المنثور» المعنى نفسه عن ابن عباس بطرق مختلفة.
وفي «الاتقان للسيوطي» نقل أيضاً عن «البيقهي» في «دلائل النبوة» عن عكرمة : إنّ سورة هل أتى مدنية (١).
بالإضافة إلى أنّ كافة الذين يرون أنّ شأن نزول هذه السورة في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، ـ وهم جماعة كثيرة جرت الإشارة إليهم آنفا ـ وكلّهم يشهدون على كون السورة مدنية.
فضلاً عن جميع ذلك ، على فرض أنّ قسماً من هذه السورة مكي ، والقسم المتعلق بنذر علي وأهل بيته مدني ، فلا مانع من أن يكون قسم من السورة مكيّاً والآخر مدنيّاً.
من هنا ، فإنّ مؤلف تفسير «روح البيان» (البرسوئي الحنفي) بعد ذكره عن طائفة من كبار العلماء أنّ سورة «هل اتى» مدنية ، إشارة إلى كلام الذين يرون أنّ بعض آياتها مكي والآخر مدني ، فيقول : على هذا الأساس يمكنك القول : (إنّ هذه السورة مكية وإن شئت قلت إنّها مدنية على أنّ الآيات المدنية في هذه السورة أكثر من الآيات المكية ، فالظاهر أنّها تسمى مدنية لا مكية ونحن لا نشك في صحة القصة) (٢).
من بين الامور التي اتخذها هذا المفسر وغيره من الواعين دليلاً على كون هذه السورة مدنية هو مجيء كلمة «أسير» فيها ، ونحن نعلم أنّ لا وجود للأسير في مكة ، وأنّ قضية الأسر والأسير كانت بعد نزول حكم الجهاد في المدينة.
يقول صاحب «روح البيان» في هذا المجال : «دل على ذلك أنّ الأسير إنّما كان في المدينة بعد آية القتال والأمر بالجهاد» (٣).
والمدهش أنّ المتزمتين الذين ليسوا على استعداد للتخلّي عن حكمهم المسبق بصدد الولاية والخلافة خلقوا التبريرات لـ «الأسير» هنا ، حيث بالإمكان أن تكشف عن الحقائق ، فقد قالوا : إنّ المراد من الاسير اسير زوجة! أو أسير الديون ، ونحو ذلك ... (٤).
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٢٢١.
(٢) تفسير روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٢٦٩.
(٣) المصدر السابق.
(٤) نقلت هذه الأقوال في البحر المحيط ، ج ٨ ، ص ٣٩٥ عن بعض المفسرين ، إلّاأنّ صاحب هذا الكتاب ـ