وجه التّأييد هو أنّه إذا صحّ الإحرام والصّوم بالنّذر مع القطع ببطلانهما بدونه (١) ، فالصّحّة في المثال المتقدّم تكون بطريق أولى ، للشّكّ في البطلان بدون النّذر ، لا القطع به كما في الإحرام والصّيام.
هذا ، ولكنّ الحقّ كما عرفت ، هو عدم جواز التّمسّك بالعامّ في مثل المقام ، وعليه ، فلا بدّ من التّكلّم هنا في موردين : الأوّل : في صحّة النّذر وفساده ؛ الثّاني :
في وجه صحّة الصّيام في السّفر ، وصحّة الإحرام قبل الميقات.
أمّا الأوّل ، فالحقّ فساد النّذر وعدم جواز التّمسّك بعموم (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ)(٢) لتصحيح متعلّقة في الفرض ؛ توضيح ذلك ، أنّ الحكم الشّرعيّ على قسمين :
أحدهما : الثّابت لموضوعه بعنوانه الأوّلي الذّاتي النّفسي ، نظير إباحة كثير من الأشياء ، كالحنطة والشّعير والماء ؛ ثانيهما : الثّابت له بعنوانه الثّانوي ، وهذا ، تارة يكون مشروطا بثبوت حكم خاصّ للموضوع بعنوانه الأوّلى ، بحيث لو لا ذلك ، لما ثبت له هذا الحكم بعنوانه الثّانوي ، كالصّوم والحجّ المندوبين ، وكصلاة اللّيل ، والتّصدّق على الفقراء ونحوها من الامور الرّاجحة المندوبة بعناوينها الأوّليّة ، والواجبة بعناوينها الثّانوية ، كالنّذر ونحوه ، ومن هنا خرج مثل صوم العيدين الّذي يكون محرّما ، فلا يصير واجبا بتعلّق النّذر.
__________________
(١) قال المحقّق الشّيخ عبد الحسين الرّشتي قدسسره : «وذكر الفقهاء في كتاب النّذر ، صحّة نذر صلاة ركعة وإن لم تكن وترا ، أو ثلاثة وإن لم تكن مغربا ... معلّلين بوجوب الوفاء بالنّذر ، مع تصريحهم أوّلا بوجوب كون المنذور في نفسه طاعة» ، شرح كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣١٦.
(٢) سورة الانسان (٧٦) : الآية ٧.