السّابقة هنا ، فيقال : «إنّ هذا العالم لم يكن فاسقا قبل ، فالآن كما كان» كما يقال : «هذا العالم كان عادلا أو فاسقا قبل ، فالآن كما كان» إلّا أنّ هذا كلّه ليس استصحابا أزليّا ، كما لا يخفى.
الأمر السّادس : قد اختلفت كلمات الأعلام في جواز التّمسّك بالعامّ ، لا من جهة احتمال التّخصيص ، بل من جهة اخرى ، كاحتمال فقد شرط أو وجود مانع ، فعن بعضهم (١) يظهر جواز التّمسّك به ، لكنّ الحقّ ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره عدم جوازه ، مثال ذلك ، أنّه لو توضّأ ، أو اغتسل شخص بمائع مضاف ، وشكّ في صحّتهما (٢) مع فرض كون الوضوء ، أو الغسل متعلّقا للنّذر ، فهل يجوز هنا التّمسّك بعموم أدلّة وجوب الوفاء به فيستكشف صحّتهما ، أو لا؟
قد يقال : يجوز التّمسّك به هنا ، بتقريب : أنّ هذا الوضوء ـ مثلا ـ يجب الإتيان به ، وفاء للنّذر ، وكلّما يجب الوفاء به ، لا محالة يكون صحيحا ، فهذا الوضوء صحيح.
وربّما يؤيّد ذلك بروايات (٣) وردت في صحّة الإحرام قبل الميقات إذا تعلّق به النّذر ، وصحّة الصّيام في السّفر كذلك. (٤)
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٤٦ الى ٣٤٨.
(٢) ولا يخفى ، أنّ الشّكّ في المثال ، إنّما يتأتّى في فرض الإجمال ، بأن يكون أدلّة تشريع الوضوء مجملة من ناحية اشتراط صحّته بإطلاق الماء ، وإلّا فلا يشكّ في الصّحّة كي يقال : بالتّمسّك بالعموم ، بل البطلان حينئذ واضح البتّة.
(٣) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٨ ، كتاب الحجّ ، الباب ١٣ من أبواب المواقيت ، الحديث ١ و ٢ و ٣ ، ص ٢٣٦ و ٢٣٧.
(٤) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٧ ، كتاب الصّوم ، الباب ١٠ من أبواب من يصحّ منه الصّوم ، الحديث ١ ، ص ١٣٩.