وجوده ، لا مع فرض وجوده قبل نفسه ، فبمجرّد فرض وجود الأمر قبل نفسه لا يلزم تقدّمه على نفسه ، وهذا واضح جدّا ؛ ضرورة ، أنّ فرض وجود الأمر قبل نفسه غير وجوده واقعا قبله.
وبالجملة : قد عرفت : أنّ المتقدّم هو وجود الأمر المفروض وهو وجوده العلميّ الذّهني ، والمتأخّر هو وجود الأمر المتحقّق في الخارج وهو وجوده الإنشائيّ الاعتباري ، وهذا ككثير من القيود الاختياريّة وغيرها الدّخيلة في المتعلّق المفروض وجودها ، وتحقّقها في محالّها بلا لزوم محذور اصلا.
رابعها : ما عن السّيّد البروجردي قدسسره : من أنّ أخذ قصد القربة والأمر في المتعلّق شرعا ، مستلزم لاجتماع اللّحاظين (الاستقلالي والآلي). (١)
توضيحه : أنّ الأمر لكونه مأخوذا في المتعلّق بأخذ قصده فيه ، ملحوظ استقلالا ؛ حيث يلحظ المتعلّق كذلك بجميع حدوده وقيوده وبتمام أجزاءه وشروطه ، ومن القيود قصد الأمر ، فيلحظ بتمامه من المضاف والمضاف إليه مستقلا ، ولكونه آلة للبعث إلى المطلوب ووسيلة للإغراء إليه ملحوظ آليّا ، فيجتمع في الأمر لحاظان متنافيان.
وفيه : أنّ اللّحاظين لا يجتمعان في وقت واحد وزمان فارد ، بل هما في زمانين فيتصوّر الأمر في حوزة الموضوع وصقع المتعلّق حين تصوّره بجميع أجزاءه وشرائطه ، تصوّرا ولحاظا استقلاليّا ، ثمّ بعد ذلك ، يلحظ في مرحلة الإنشاء والتّقنين وجعل الحكم والبعث إلى المطلوب والإغراء إليه ، لحاظا آليّا ، فتأمّل جيّدا.
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ج ١ ، ص ٩٩.