والإنصاف : أن هذا الإشكال لا يخلو من دقّة ، ويضاف إليه أوّلا : أنّه لا بدّ في الوضع من معرفة الموضوع له ، وواضح ، أنّ الهويّة الخارجيّة كنهها في غاية الخفاء وإن كان مفهومها من أعرف الأشياء ، فكيف يجعل مثل هذه موضوعا له!
وثانيا : أنّه يلزم أن تكون قضيّة : «زيد معدوم» ممتنعة ، لتضمّنها حمل أحد النّقيضين على الآخر ؛ إذ هي في قوّة أن يقال : «الوجود معدوم وعدم» وهكذا قضيّة : «زيد إمّا موجود أو معدوم» لكونها في قوّة : «الوجود إمّا وجود أو عدم» فالقضيّة إمّا ضروريّة أو ممتنعة ، إلّا أن يرتكب التّجريد ويقال : بالتّجوّز والعناية.
أمّا القسم الثّالث (الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ) :
فاختلف الأعلام في وقوعه وعدمه ، ذهب جماعة (١) إلى وقوعه ، وقد مثّلوا له بوضع الحروف وما ألحق بها من الأسماء والظّروف ، وذهب جماعة اخرى (٢) منهم المحقّق الخراساني قدسسره (٣) إلى عدم وقوعه.
والتّحقيق يقتضي البحث هنا عن معاني الحروف وكيفيّة وضعها.
(المقام الخامس : المعاني الحرفيّة وكيفيّة وضع الحروف)
فنقول : يقع الكلام في أمرين :
أحدهما : في بيان حقيقة المعنى الحرفي.
__________________
(١) راجع ، قوانين الأصول : ص ١٠ ؛ والفصول الغرويّة ، ص ١٢ ؛ ومناهج الوصول : ج ١ ، ص ٦٨ ؛ ومحاضرات في اصول الفقه : ج ١ ، ص ٥٧.
(٢) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ١ ، ص ٥٧.
(٣) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٣.