ومنهم المحقّق الخراساني قدسسره (١) اختصاص البحث والنّزاع بألفاظ العبادات والمعاملات ، ولكن الحقّ ما عن السّيّد المحقّق المجاهد ابن الإمام الرّاحل قدسسره ، من قوله : «أنّ البحث في حدود معاني اللّغات لا يختصّ بألفاظ دون ألفاظ ، فيشترك فيه جميع أسامي الحيوانات والنّباتات والأشجار والأثمار وهكذا ...
فتحصّل : أنّ مصبّ النّزاع هنا هذا الّذي أبدعناه وتصير النّتيجة ، أنّ الصّحيحي يقول : بأنّ الموضوع له «الشّجرة» هي الكاملة المثمرة ومثلها «الصّلاة» الّتي ثمرتها «قربان كلّ تقي» (٢) و «معراج المؤمن» (٣) وناهية عن الفحشاء (٤) وسقوط الأمر وأمثال ذلك ، والأعمّى ينكر ذلك ويدّعي أنّ «الشّجرة» صادقة على القصيرة غير المثمرة المشحونة بالنّواقص والآلام ، ومثلها الصّلاة ، وغير ذلك من الألفاظ الموضوعة للأجناس والمخترعات اليوميّة ، بل للأشخاص ، كما لا يخفى». (٥)
الجهة الثّانية : أنّ مقتضى ظاهر عناوين المسألة من قولهم : أنّ الألفاظ أسام للصّحيحة أو الأعمّ منها ، أو أنّ الألفاظ موضوعة للصّحيح أو الأعمّ منه ، هو أنّ هذا البحث متفرّع على القول بثبوت الحقيقة الشّرعيّة ، وإلّا فلا مجال له ؛ لعدم صدق عنواني التّسمية والوضع ؛ بناء على إنكار الحقيقة الشّرعيّة.
ولكنّ الحقّ جريان البحث على جميع الأقوال ، حتّى على قول القاضي أبي بكر
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٤ ، وإليك نصّ كلامه : «إنّه وقع الخلاف في أنّ ألفاظ العبادات أسام لخصوص الصّحيحة أو الأعمّ منها».
(٢) الفروع من الكافي : ج ٣ ، ص ٢٦٥.
(٣) بحار الأنوار : ج ٧٩ ، ص ٣٠٣.
(٤) سورة العنكبوت (٢٩) : الآية ٤٥.
(٥) تحريرات في الاصول ، ج ١ ، ص ١٩٥ ، ١٩٦ و ١٩٧.