الاجتهاد ، وهكذا نصب السّلّم والصّعود ، بل يجوّز العقل الوصول إلى أقصى مراتب العلم بلا تحمّل تعب تحصيل ، كما في علوم الأئمّة عليهمالسلام ، وهكذا الصّعود.
هذا ، ولكن أورد المحقّق الخراساني قدسسره على التّقسيم المذكور برجوع المقدّمة الشّرعيّة والعاديّة إلى العقليّة ، وقال في وجه ذلك ، ما حاصله : إنّه بعد اعتبار الشّرطيّة شرعا أو بعد اقتضاء العادة ، التّوقّف والمقدّميّة ، يصير التّوقّف عقليّا ؛ حيث إنّه يستحيل عقلا تحقّق المشروط أو المقيّد بلا شرطه وقيده ، وكذا يستحيل الصّعود على السّطح بلا نصب السّلم ـ مثلا ـ لغير الطّائر فعلا وإن كان طيرانه ممكنا ذاتا. (١)
وفيه : أنّ التّقسيم على ما تقدّم ، إنّما هو باعتبار أصل الإناطة الّتي هي أساس المقدّميّة ، نعم ، بعد توسيط اعتبار الشّارع أو قضاء العادة ، فالتّوقف يكون عقليّا وهو أمر آخر.
ومنها : تقسيمها إلى مقدّمة الوجود (مقدّمة الواجب) والوجوب والصّحّة والعلم.
ولا يخفى : أنّ مقدّمة الوجوب وهي ما يتوقّف عليه وجوب الشّيء كالاستطاعة الّتي هي شرط لوجوب الحجّ ، خارجة عن حريم النّزاع ، وذلك ، لأنّ المفروض أنّه لا وجوب لذي المقدّمة قبل وجود المقدّمة كي يبحث عن وجوب تحصيلها ، وأمّا بعد وجودها فلم يبق المجال للبحث ؛ لأنّه تحصيل للحاصل.
وأمّا مقدّمة الصّحّة ، وهي ما يتوقّف عليه صحّة الشّيء ، فليست قسما برأسه ، بل هي إمّا دخيلة في الوجوب ، فترجع إلى مقدّمة الوجوب ، وقد عرفت : أنّها خارجة عن حريم النّزاع ، وإمّا دخيلة في الوجود ، فترجع إلى مقدمة الوجود.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٤٢.