تخلّل سكون في البين. (١)
وفيه : أنّ الزّمان وإن كان له هويّة واحدة وشخصيّة مستمرّة حسب النّظر العرفيّ ، إلّا أنّ له هويّة متصرّمة متقضية ذات حدود وأجزاء ، أيضا.
وعليه ، فإذا وقع حدث القتل ـ مثلا ـ في حدّ من حدوده ، كان ذلك الحدّ فقط هو «المقتل» وهو غير باق قطعا ، كأوّل اليوم أو وسطه ـ مثلا ـ وإنّما الباقي نفس الزّمان كنفس اليوم ، لا حدّه ولا جزء منه ، والمعتبر في المشتقّ هو بقاء زمان الوقوع ، بمعنى : بقاء نفس الحدّ وشخص الجزء الّذي تلبّس بالمبدإ ، لا بقاء سنخ الزّمان وطبيعيّة في ضمن أشخاص أخر ، وبين الأمرين بون بعيد.
وبالجملة : بناء على هذا البيان ، ما هو المتلبّس غير باق قطعا ، وما هو الباقي غير ما تلبّس.
فتحصّل : من جميع ما ذكرنا : أنّ العناوين الجارية على الذّات ، إن كانت من قبيل ما ينتزع عنها بتوسيط شيء ، سواء كانت مشتقّة أو جامدة ، فهي داخلة في حريم النّزاع ؛ وإن كانت من قبيل ما ينتزع عن حاقّ الذّات بلا وساطة شيء ، فهي خارجة عن حريم النّزاع ، كالمصادر والأفعال ، كما أنّ أسماء الزّمان ونحوه ممّا لم تبق فيه الذّات ـ أيضا ـ خارجة عن حريم النّزاع ، وقد تقدّم توضيح ذلك.
الأمر الثّالث : في كيفية وضع الأفعال وبيان مداليلها.
إنّ المشهور بين الادباء هو دلالة الأفعال على الزّمان (٢) ، فقالوا : بدلالة الفعل
__________________
(١) راجع ، نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ١٢٩ ؛ وكتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ١٦٢ الى ١٦٤.
(٢) شرح الكافية : ج ٢ ، ص ٢٢٣ ؛ وشروح التّلخيص : ج ٢ ، ص ٢٥ و ٢٦ ؛ والمطوّل : ص ١٤٩ و ١٥٠ ، مكتبة الدّاوري.