ومتعلّق متعلّقه ، فيتوقّف فعليّته على فعليّة نفسه ، ولازمه تقدّم فعليّة الحكم على فعليّة نفسه وهذا هو الدّور.
وأمّا في مرتبة الامتثال ، فلأنّ قصد الامتثال متأخّر عن إتيان تمام أجزاء المأمور به وقيوده طبعا ، فإنّ قصده يتحقّق بعد إتيان المأمور به بتمام أجزائه وقيوده ، وواضح ، أنّه إذا فرض كون قصده من جملة الأجزاء والقيود ، فلا بدّ أن يكون المكلّف في مقام امتثاله قاصدا للامتثال قبل قصد امتثاله ، فيلزم تقدم الشّيء على نفسه. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ كون الأحكام مجعولة على نهج القضايا الحقيقيّة ، إنّما يتمّ في الجعل بصيغ الإخبار دون الجعل بصيغ الإنشاء وعلى وجه الخطاب ؛ ضرورة ، أنّ الخطاب يستلزم وجود المخاطب وحضوره واقعا ، ووزانه وزان الإشارة الخارجيّة حيث تستلزم وجود المشار إليه وحضوره خارجا ، فلا يصحّ الخطاب الحقيقيّ بلا حضور المخاطب ، كما لا تصحّ الإشارة الحقيقيّة بلا حضور المشار إليه.
وثانيا : أنّ في كلامه قدسسره خلطا بين الموضوع والمتعلّق ، حيث إنّ ما يفرض وجوده في القضايا الحقيقيّة هو الموضوع وأفراده ، لا المتعلّق ، والمبحوث عنه هنا هو المتعلّق لا الموضوع. وعليه ، فما هو المفروض وجوده غير متعلّق الأمر ، وما هو متعلّق الأمر غير المفروض وجوده ، بل لا مجال له ؛ لكون الوجود ظرف سقوط الخطاب والأمر ، فلا معنى للأمر بشيء حال حصوله ووجوده ؛ لأنّه تحصيل للحاصل وبعث إلى إيجاد ما هو موجود.
وثالثا : أنّ محذور تقدّم الشّيء على نفسه ، إنّما يلزم لو كان الشّيء موجودا قبل
__________________
(١) راجع ، اجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١٠٧ و ١٠٨.