ثانيها : ما نقله العلّامة الحائري قدسسره حيث قال : «وقد يقرّر ، أنّ القدرة على الموضوع الّذي اعتبر وقوعه بداعي الأمر ، لا يتحقّق إلّا بعد الأمر ، والأمر لا يتعلّق بشيء إلّا بعد تحقّق القدرة ، فتوقّف الأمر على القدرة بالبداهة العقليّة ، وتوقّف القدرة على الأمر بالفرض». (١)
وأجاب قدسسره عنه بما حاصله : أنّ القدرة وإن توقّفت على الأمر ـ كما هو واضح غير قابل للإنكار ـ إلّا أنّ الأمر لا يتوقّف على القدرة ، بحيث يقال : بلزوم كونها قبل الأمر رتبة ؛ ضرورة ، أنّه لا مانع عقلا من أن يحكم المولى بشيء حال عجز المكلّف عنه ، ثمّ تحصل له القدرة بنفس ذلك الحكم.
وهذا الجواب متين جدّا.
ثالثها : ما ذكره المحقّق النّائيني قدسسره محصّله : أنّ أخذ قصد القربة وامتثال الأمر في متعلّق الأمر ، مستلزم لتقدّم الشّيء على نفسه في جميع مراتب الحكم من الإنشاء والفعليّة والامتثال.
أمّا في مرتبة الإنشاء ، فلانّ المأخوذ في متعلّق التّكليف في القضايا الشّرعيّة الحقيقيّة ، لا بدّ وأن يكون مقدّر الوجود ومفروض الحصول بلا فرق بين أن يكون مقدورا للمكلّف ، أو لا ، وعليه ، فلو أخذ قصد امتثال الأمر في متعلّق نفس ذلك الأمر يستلزم تصوّر الأمر قبل وجود نفسه ، وهذا هو محذور تقدّم الشّيء على نفسه.
وأمّا في مرتبة فعليّة الحكم ، فلأنّ فعليّة الحكم يتوقّف على فعليّة موضوعه ، وهو متعلّقات متعلّق التّكليف ، وحيث إنّ المفروض : أنّ نفسه هو الموضوع لنفسه
__________________
(١) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٩٤.