فتدبر (١).
______________________________________________________
(١) بقى شيء ـ وهو انه قد ظهر مما بينا به حقيقة صيغة الامر حال باقى صيغ الانشاء من الترجى والتمنى والتشبيه ونحوها من ان لها مفهوما فانيا فى مطابقة وحاكيا عنه ولو لم يكن ذلك المطابق ثابتا فى الخارج كسائر المفاهيم الاسمية مثلا لعل تدل على الترجى المرتبط بالذات والمعنى المترجى وكان تدل على المشابهة بين المشبه والمشبه به فهذه الالفاظ تدل على هذه المعانى ولو لم يكن لها مطابق فى الخارج على حد دلالة الالفاظ الاخرى مثل قولنا ضرب زيد فانها تدل على هذه المعانى التى تسبق الى الذهن عند سماعها مثلا فانية فى مطابقها ولو لم يكن ثابتا فى الخارج لا ان هذه الصيغ ينشأ بها معانيها فتكون هذه المعانى بعد انشائها بهذه الصيغ هى المفهوم وهى المطابق كما توهم ولا ان يكون معانى هذه الصيغ هو الترجى الانشائى والتمنى الانشائى والتشبيه الانشائى كما قيل بمثل ذلك فى صيغة الامر من ان مدلولها هو الطلب الانشائى قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٢ ، لا يخفى ان ما ذكرناه فى صيغة الامر جار فى سائر الصيغ الانشائية فكما يكون الداعى الى انشاء التمنى او الترجى او الاستفهام بصيغها تارة هو ثبوت هذه الصفات حقيقة يكون الداعى غيرها اخرى فلا وجه للالتزام بانسلاخ صيغها عنها واستعمالها فى غيرها اذا وقعت فى كلامه تعالى لاستحالة مثل هذه المعانى فى حقه تبارك وتعالى مما لازمه العجز او الجهل وانه لا وجه له فان المستحيل انما هو الحقيقى منها لا الانشائى الايقاعى الذى يكون بمجرد قصد حصول بالصيغة كما عرفت ففى كلامه تعالى قد استعملت فى معانيها الايقاعية الانشائية ايضا لا لاظهار ثبوتها حقيقة بل لامر آخر حسب ما يقتضيه الحال من اظهار المحبة او الانكار او التقرير الى غير ذلك ومنه ظهر ان ما ذكر من المعانى الكثيرة لصيغة الاستفهام ليس كما ينبغى انتهى لكن قد عرفت ان صيغة افعل موضوعة للنسبة القائمة بين المادة التى طرات عليها الصيغة وبين المخاطب بها ومستعملة فيها واستفادة الطلب منها من جهة ملازمة ذلك لتحقق ارادته فكذلك فى هذه الصيغ موضوعة للنسبة واستفادة الخصوصيات من جهة الملازمة والسياق وذلك فى مقام التصور وان لم يكن لها مطابق فى الخارج فى مقام التصديق كما فى حقه تبارك وتعالى فالملحوظ هى النسبة المعهودة كما لا يخفى ، وعلى هذا من ان للصيغ والادوات المزبورة معانى تدل عليها دلالة الاسماء على معانيها يكون استعمالها فى معانيها باى