وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) لو لا أنّهم قد كانوا رأوا من يفسد فيها ويسفك الدماء». (١)
أقول : يمكن أن يشير ـ عليهالسلام ـ بذلك إلى دورة في الأرض سابقة على دورة بني آدم ، كما وردت به الأخبار ، ولا ينافي ذلك ما مرّ أنّ الملائكة فهمت ذلك من قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ ...) الآية ، بل لا يتمّ الخبر إلّا بذلك ؛ وإلّا كان قياسا من الملائكة مذموما كقياس إبليس. ويمكن أن يشير ـ عليهالسلام ـ إلى مضمون الخبر الآتي من إثبات القدر.
وفيه أيضا عنه ـ عليهالسلام ـ قال زرارة : «دخلت على أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ فقال : أيّ شيء عندك من أحاديث الشيعة؟ فقلت : إنّ عندي منها شيئا كثيرا ، وقد هممت أن اوقد لها نارا فاحرقها ، فقال ـ عليهالسلام ـ : وارها ، تنس ما أنكرت منها ، فخطر على بالي (٢) الآدميّون ، فقال : ما كان علم الملائكة حيث قالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ).
قال : وكان يقول أبو عبد الله ـ عليهالسلام ـ إذا حدّث بهذا الحديث : هو كسر على القدريّة.
ثمّ قال أبو عبد الله ـ عليهالسلام ـ : إنّ آدم كان له في السماء خليل من الملائكة ، فلمّا هبط آدم من السماء إلى الأرض استوحش الملك ، وشكا إلى الله تعالى وسأله أن يأذن له ، فأذن له ، فهبط عليه ، فوجده قاعدا في قفرة من الأرض ، فلمّا رآه آدم ـ عليهالسلام ـ وضع يده على رأسه وصاح صيحة ، قال أبو عبد الله ـ عليهالسلام ـ : يروون أنّه أسمع عامّة الخلق ، فقال له الملك : يا آدم ، ما أراك إلّا وقد عصيت ربّك ، وحملت على نفسك ما لا تطيق! أتدري ما قال لنا
__________________
(١). تفسير العيّاشي ١ : ٢٩ ، الحديث : ٤.
(٢). في المصدر : «بال»