صوت ولا لغة.
فإذا الأسماء والمسمّيات كانوا موجودين بوجودات عينيّة ، وكان العلم المذكور بها أوّلا : ميسورا ممكنا لموجود أرضيّ لا ملك سماويّ وثانيا : دخيلا في الخلافة الإلهيّة.
غير أنّ الظاهر من سياق الآيات : أنّ هؤلاء الملائكة كانوا يعرفون بعض هؤلاء المسمّيات بأسمائها ؛ حيث يقول سبحانه : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) بلفظة الجمع المحلّى باللام و «كلّ» ، ويحكي عن الملائكة أنّهم قالوا : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) فجاؤوا بالاستثناء ، فلو لا علمهم ببعضها كان الاستثناء مستغنى عنه زائدا في الكلام ، وحينئذ فلو لا إرادة الاستغراق من الأسماء ، كان اللائق بالمقام أن يقولوا : «لا علم لنا منها إلّا بما علّمتنا» أو ما يؤدّي هذا المعنى.
ومن هنا تستشعر ـ إن كنت ذا لبّ ـ أنّ معلومات الملائكة كانت كلّها أسماءا ، أي مسمّيات أسماء ، كما في علومنا ومعلوماتنا ، ومن هنا تعرف أنّ «اللام» في «الأسماء» ليست للعهد.
فإذا هذه الأسماء ليست أسماءا عينيّة من غير جنس الأسماء التي للملائكة والإنسان ، بل كلّ اسم يقع لمسمّى ما ، لكن مسمّيات هذه الأسماء كانت امورا غيبيّة ـ تحت أستار الغيب ـ هم غيب السماوات والأرض ، فحينئذ ينطبق بالضرورة على ما اشير إليه في قوله سبحانه : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (١) حيث أخبر سبحانه : أنّ كلّ ما يقع عليه اسم «الشيء» فله عنده تعالى خزائن مخزونة ، باقية عنده ، غير نافدة ، ولا مقدّرة بقدر ،
__________________
(١). الحجر (١٥) : ٢١.