المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «المزّمّل» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة المزمّل بعد سورة القلم ، وكان نزول سورة القلم فيما بين ابتداء الوحي والهجرة إلى الحبشة ، فيكون نزول سورة المزمّل في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) (٢) وتبلغ آياتها عشرين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة تهيئة النبي (ص) للدعوة ، وقد اقتضى هذا أمره بالصبر عليهم وإنذاره لهم. وقد ناسبت ، بهذا الإنذار ، سياق السورة السابقة في إنذارها ، ولهذا ذكرت بعدها.
تهيئة النبي (ص) للدعوة
الآيات [١ ـ ٢٠]
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) (٢) فأمره بقيام الليل ، وترتيل القرآن ؛ ليستعين بهذا على ما سيلقي إليه من القول الثقيل ، والتكليف الشاق ؛ وينشئ نفسا أشدّ موافقة لدعوته وأقوم قيلا ؛ ثم أمره سبحانه أن يداوم على ذكره ، ويصبر على ما يقولون في حقه ، وأن يتركه ، ومن أبطرتهم النعمة منهم ، فإنّه سيمهلهم ثمّ يذيقهم من عذابه أنكالا وجحيما ؛ وسيهلكهم ،
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.