عنادهم : لقد ارتكبوا كثيرا من الأخطاء ، ولذلك أغرقهم الله بالطوفان ، ثم أدخلوا في عذاب القبر ، وعذاب النار ، ولم يجدوا أحدا ينصرهم وينقذهم من عذاب الله. وهكذا يكون جزاء كلّ كافر معاند ، أن يحلّ به بطش الله القويّ الغالب : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (١٤) [الفجر].
[الآيتان ٢٦ ـ ٢٧] : وفي آخر السورة زفرات نبي مكلوم ؛ مكث ألف سنة ، ثم قوبل بالجحود ، فسأل ربّه أن يهلك جميع الكافرين ، وألّا يترك منهم أحدا ، وليس ذلك حبّا في الانتقام ، ولكن رغبة في نظافة الأرض منهم ، لأنّ بقاءهم كفّارا ، يخشى منه أن يفتنوا المؤمنين ، ويضلّوهم بالرغبة أو الرهبة ؛ ولا يخرج من أصلاب هؤلاء الكافرين إلّا فاجر كافر ، فالإناء ينضح بما فيه.
[الآية ٢٨] : وفي آخر آية تبتّل نبي كريم بدعاء نديّ رضيّ ، يطلب فيه مغفرة الله له ولوالديه ، ولمن دخل في دعوته وآمن به ، ولسائر المؤمنين والمؤمنات ؛ أمّا الظالمون فلا يستحقّون الهداية ، التي أعرضوا عنها ، بل يستحقون أن يزيدهم الله ضلالا إلى ضلالهم ؛ فمن أعرض عن الله سبحانه ، سلب عنه تعالى الهدى والتوفيق ، وتركه يتخبط في دياجير الظلام : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) [التوبة : ٦٧].
المعنى الإجمالي للسورة
الهدف الرئيس للسورة ، بيان دعوة نوح (ع) وحرصه على إيمان قومه ، وقد حوت هذه الدعوة ما يأتي :
(أ) طلب تركهم للذنوب ، وأنهم إذا فعلوا ذلك ، أكثر الله لهم المال والبنين.
(ب) النظر في خلق السماوات والأرض ، والأنهار والبحار.
(ج) النظر في خلق الإنسان ، وأنه سبحانه يخلق في الأرض كما يخلق النبات ، وأنّ الأرض مسخّرة له ، يتصرّف فيها ، جلت قدرته ، كما يشاء.
وبيّنت السورة ، كفر قوم نوح وعنادهم ، وعقابهم في الدنيا والاخرة.