المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الملك» (١)
إن قيل : ما الحكمة في تقديم الموت على الحياة في قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) [الآية ٢].
قلنا : إنما قدّم سبحانه الموت لأنه هو المخلوق أوّلا. قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : أراد به خلق الموت في الدنيا ، والحياة في الاخرة ؛ ولو سلّم أنّ المراد به الحياة في الدنيا ، فالموت سابق عليها ، لقوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [البقرة : ٢٨].
فإن قيل : لم قال تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [الآية ٣] ، مع أنّ في خلقه سبحانه تفاوتا عظيما ، فإنّ الأضداد كلّها من خلقه عزوجل ، وهي متفاوتة ، والسماوات أيضا متفاوتة في الصغر والكبر والارتفاع والانخفاض ، وغير ذلك؟
قلنا : المراد بالتفاوت هنا الخلل والعيب والنقصان في مخلوقه تعالى ، ويؤيّده قوله تعالى : (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) (٣) أي : من شقوق وصدوع في السماء. فإن قيل : لم قال تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) [الآية ١٦] والله سبحانه وتعالى ليس في السماء ولا في غير السماء ، بل هو سبحانه منزّه عن كل مكان؟
قلنا : من ملكوته في السماء ، لأنها مسكن ملائكته ومحل عرشه وكرسيّه واللوح المحفوظ ، ومنها تنزّل أقضيته وكتبه وأوامره ونواهيه.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.