المبحث السابع
المعاني المجازية في سورة «المزّمّل» (١)
في قوله تعالى : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) (٥) استعارة : لأن القرآن كلام ، وهو عرض من الأعراض ، والثقل والخفّة من صفات الأجسام ، والمراد بها صفة القرآن بعظم القدر ، ورجاحة الفضل ، كما يقول القائل : فلان رصين رزين. وفلان راجح ركين ، إذا أراد صفته بالفضل الراجح ، والقدر الوازن.
وفي قوله سبحانه في (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) (٦) وقرئ : (وطاء) (٢) استعارة. والمراد بناشئة الليل هاهنا ، ما ينشأ فعله ، أي يبتدأ به من عمل الليل ، كالتهجّد في أثنائه ، والتلاوة في آنائه.
من قرأ وطئا بالقصر فالمعنى فيه أن قيام الليل أشد وطأ عليك أي أصعب وأشق ، كما يقول القائل : هذا الأمر شديد الوطأة علي. إذا وصف بلوغه منه وصعوبته عليه ومع أن عمل الليل أشد كلفة ومشقة فهو أقوم صلاة وقراءة ، للمعنى الذي قدمنا ذكره.
ومن جعل «وطاء» هاهنا اسما لما يستوطأ ويفترش ، كالمهاد وما يجري مجراه ، فقد ذهب إلى أن عمل الليل أوعث مقاما ، وأصعب مراما.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). قرأ أبو العالية ، وأبو عمرو ، ومجاهد ، وابن أبي إسحاق ، وحميد ، وابن عامر ، والمغيرة ، وأبو حياة «وطاء» بالمد ؛ وقرأ الباقون (وَطْئاً) بفتح الواو ، وسكون الطاء ، على وزن بحر ؛ انظر «القرطبي» ج ١٩ ص ٣٩. [والقراءة المثبتة في المصحف الشريف ، هي قراءة القصر].