فأعرض الله عنهم ، وهو سبحانه غني عن عباده ، محمود على نعمائه.
و [الآيات ٧ ـ ١٣] تستعرض شبهة الكافرين في البعث وإنكارهم له ، وتردّ عليهم بأنّ البعث حقيقة مؤكدة ، ويتبع البعث الحساب والجزاء. والإيمان بالله ورسوله سبيل النجاة والهداية ، فسيجمع الله المؤمنين والكفّار في يوم التغابن.
والتغابن تفاعل من الغبن ، وهو تصوير لما يقع من فوز المؤمنين بالنعيم ، وحرمان الكافرين من كلّ شيء منه ، ثمّ صيرورتهم الى الجحيم ؛ فهما نصيبان متباعدان ، وكأنّما كان هناك سباق للفوز بكلّ شيء ، ليغبن كلّ فريق مسابقه ، ففاز فيه المؤمنون ، وهزم فيه الكافرون.
إنّ من آمن وعمل صالحا له جزاؤه في جنّة الخلد والفوز العظيم ، ومن كفر بالله وكذّب بآياته ، له عقابه وخلوده في النار وبئس المصير.
وإنّ من أصول الإيمان أن تؤمن بالقضاء والقدر ؛ وأن ترى الله خالق كلّ شيء ، وأن تفوّض إليه الأمر ، وأن تحني رأسك إجلالا لعظمته ، وتسليما لقضائه وقدره.
وطاعة الله وطاعة الرسول طريق الفلاح ، والإعراض عن طاعتهما نذير بالعقاب ، وليس هناك في الكون إلّا إله واحد ، يتوكّل عليه المؤمن ، ويتيقّن بوجوده ، ويوحّده ويعظّمه ، وذلك أساس العقيدة الإسلامية : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٣).
روابط الأسرة
تتّجه الآيات الأخيرة من السورة لبناء المجتمع ، وتهذيب العاطفة ، وتوجيه العلاقات الأسرية الوجهة السليمة.
فالآيات الأولى من السورة شبيهة بالآيات المكّيّة في بناء العقيدة ، وتأكيد معنى الألوهيّة ، وبيان صفات الله وكمالاته ؛ أمّا الآيات الأخيرة من السورة فتتّجه لبناء مجتمع سليم.
وفي تفسير مقاتل وابن جرير الطبري : أنّ الآية ١٤ نزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة ، فثبّطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم. وروى ابن جرير ، عن عكرمة ، أنّ رجلا سأل ابن عباس عن قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) [الآية