المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «هود» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [الآية ٣] مع أن التوبة مقدّمة على الاستغفار؟
قلنا : المراد : استغفروا ربكم من الشرك ، ثم ارجعوا إليه بالطاعة. كذا قاله مقاتل. وهذا الاستغفار مقدم على هذه التوبة. الثاني : أنّ فيه تقديما وتأخيرا. الثالث قال الفرّاء : ثمّ هنا بمعنى الواو ، وهي لا تفيد ترتيبا ، فاندفع السؤال.
فإن قيل : من لم يستغفر ولم يتب ، فإنّ الله يمتّعه متاعا حسنا الى أجله : أي يرزقه ويوسع عليه كما قال ابن عباس ، أو يعمّره كما قال ابن قتيبة ، فما الحكمة في قوله تعالى (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى)؟
قلنا : قال غيرهما : المتاع الحسن ، المشروط بالاستغفار والتوبة ، هو الحياة في الطاعة والقناعة ، ومثل هذه الحياة إنما تكون للمستغفر التائب التقي.
فإن قيل : قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) [الآية ٦] لم لم يقل على الأرض مع أنه أشدّ مناسبة لتفسير الدابة لغة ، فإنها ما يدب على وجه الأرض؟
قلنا : «في» هنا بمعنى «على» ، كما في قوله تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه / ٧١] ، وقوله تعالى (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) [الطور / ٣٨]. الثاني :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.