المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الرّعد» (١)
١ ـ قاله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٣).
أقول : أراد تعالى بقوله : (جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أنه سبحانه خلق فيها من أنواع الثّمرات جميعها زوجين حين مدّها ، ثم تكاثرت بعد ذلك وتنوّعت.
وقيل : أريد بالزّوجين : الأسود والأبيض ، والحلو والحامض ، والصغير والكبير ، وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة.
وأمّا قوله جلّ وعلا : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) فالمراد يلبسه مكانه ، فيصير أسود مظلما بعد ما كان أبيض منيرا. وقرئ : يغشّي ، بالتشديد.
وظاهر الحال أن الفعل «يغشي» ينصب مفعولين ؛ وحقيقة ذلك ، أنه مجاوز الى مفعول واحد ، وأما الثاني فبالخافض ، وعرض له الحذف ، ثم وصل.
٢ ـ وقال تعالى : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) [الآية ٦].
والمراد بقوله سبحانه : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) عقوبات أمثالهم من المكذّبين ، فما لهم لم يعتبروا بها فلا يستهزءوا.
والمثلة : العقوبة بوزن السّمرة. والمثلة لما بين العقاب والمعاقب عليه من المماثلة.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.