المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الحجر» (١)
١ ـ قال تعالى : (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) (٥).
أقول : عوملت «الأمة» في الآية على وجهين ، الأول أنها مؤنث ، بدلالة التاء في الفعل الذي يسبقها ، والثاني جمع مذكّر ، بدلالة الفعل بعدها «يستأخرون».
وهذا من باب مراعاة اللفظ أولا ، ومراعاة المعنى ثانيا. ومثل هذا له نظائر في لغة القرآن.
٢ ـ وقال تعالى : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٧).
«لو» ركّبت مع «لا» و «ما» لمعنيين : معنى امتناع الشيء لوجود غيره ، ومعنى التحضيض ، وأمّا «هل» فلم تركب إلّا مع «لا» وحدها للتحضيض ، قال ابن مقبل :
لو ما الحياء ولو ما الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري والمعنى : هلّا تأتينا بالملائكة يشهدون بصدقك ، ويعضدونك على إنذارك ، كقوله تعالى : (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (٧) [الفرقان].
أقول : «لو لا» و «لو ما» من أدوات التحضيض من مواد العربية القديمة ، التي لا نشعر بوجودها في اللغة المعاصرة ، ولا سيما «لو ما».
٣ ـ وقال تعالى : (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) (١٢).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.