المبحث السادس
المعاني اللغوية في سورة «إبراهيم» (١)
قرئ قوله تعالى : (يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) [الآية ٣] بوصل الفعل ب «على» كما قالوا «ضربوه في السيف» يريدون «بالسيف». وذلك أن هذه الحروف يوصل بها كلّها ، وتحذف نحو قول العرب : «نزلت زيدا» تريد «نزلت عليه».
وقال تعالى : (مِنْ وَرائِهِ) [الآية ١٦] أي : من أمامه. وإنما قال : وراء أي : أنه وراء ما هو فيه ، كما تقول للرجل : «هذا من ورائك» أي : «سيأتي عليك» و «هو من وراء ما أنت فيه» لأنّ ما أنت فيه قد كان مثل ذلك ، فهو وراؤه. وقال سبحانه : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) [الكهف / ٧٩] في هذا المعنى. أي : كان وراء ما هم فيه (٢).
وقال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الآية ١٨] أي : «وممّا نقصّ عليكم مثل الذين كفروا» ثم فسّر سبحانه كما في قوله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) [الرّعد / ٣٥ ومحمّد / ١٥] وهذا كثير.
وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) [الآية ٢٢] وهذا استثناء خارج ، كما تقول : «ما ضربته إلّا أنّه أحمق» وهو الذي في معنى «لكنّ».
وقال تعالى : (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) [الآية ٢٢] فتحت ياء الإضافة لأنّ قبلها ياء الجميع الساكنة التي كانت في
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتب ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). ورد في مجاز القرآن ١ / ٣٣٧.