وحده صاحب القهر والغلبة والتصريف في كل ناصية ، وهي صورة حسّيّة تناسب الموقف ، وتناسب غلظة القوم وشدتهم ، وتناسب صلابة أجسامهم وبنيتهم ، حين استكبروا في الأرض بغير الحقّ :
(وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (١٥) [فصّلت].
وتذكر الآيات هنا خاتمة أمر هود مع قومه ، على حسب سنة الله في نصرة أوليائه وخزي أعدائه. قال تعالى :
(وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ) (٦٠).
* * *
وتستمرّ «سورة هود» فتعرض قصة صالح مع قومه ، ودعوته لهم إلى دين الله ، وتودّده إليهم بقوله كما ورد في التنزيل :
(وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ) [الآية ٦٤].
وكانت ناقة ضخمة تشرب من الماء في يوم ، وتتركه فلا تذوقه في اليوم الآخر. ولكنهم عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم ، فنجّى الله صالحا ومن معه من المؤمنين ، وأرسل صيحة عاتية أهلكت الكافرين ، فصاروا جثثا هامدة ، وأصبحت ديارهم خاوية خالية :
(أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) (٦٨).