بهما ويستنصرون ، ويشهد بصحته تمام الآية.
فإن قيل : لم قال تعالى (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) [الآية ١٦٣] وليس العبيد في الدرجات نفسها؟
قلنا : فيه إضمار تقديره : هم ذوو درجات أو أهل درجات ، فحذف المضاف لعدم الإلباس. وقيل المراد بالدرجات الطبقات ، فلا يكون فيه إضمار معناه أنهم طبقات عند الله ، متفاوتون كتفاوت الدرجات.
فإن قيل : كيف يجعل لكلّ من الفريقين درجات ، وأحد الفريقين لهم دركات لا درجات؟
قلنا : الدرجات تستعمل في الفريقين بدليل قوله تعالى في سورة الأنعام ، بعد ذكر الفريقين (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) [الأنعام / ١٣٢] وتحقيقه : أن بعض أهل النار أخف عذابا فمكانه فيها أعلى ، وبعضهم أشد عذابا فمكانه بها أسفل. ولو سلم اختصاص الدرجات بأهل الدرجات كان قوله (هُمْ دَرَجاتٌ) راجعا إليهم خاصة تقديره : أفمن اتبع رضوان الله وهم درجات عند الله كمن باء بسخط من الله وهم دركات ، إلا أنه حذف البعض لدلالة المذكور عليه.
فإن قيل عن قوله تعالى (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) [الآية ١٨١] ، كانوا في زمن النبي (ص) قالوا ذلك لما سمعوا قوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) [البقرة / ٢٤٥] ، فكيف قال : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ) [الآية ١٨١] أي ونكتب قتلهم الأنبياء ، وهم لم يقتلوا نبيا قط؟
قلنا : لما رضوا بقتل أسلافهم الأنبياء ، كأنهم باشروا ذلك فأضيف إليهم ، وقد تكرر هذا المعنى في القرآن كثيرا.
فإن قيل : لم قال تعالى (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [الآية ١٨٢] وظلام صيغة مبالغة من الظلم ، ولا يلزم من نفي الظلام نفي الظالم ، وعلى العكس يلزم ، فهل قال ليس بظالم ليكون أبلغ في نفي الظلم عن ذاته المقدسة؟
قلنا : صيغة المبالغة جيء بها لكثرة العبيد لا لكثرة الظلم ، كما قال الله تعالى (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٤٩) [الكهف] وقال : (عالِمِ الْغَيْبِ)