المبحث الثامن
المعاني المجازية في سورة «النساء» (١)
قوله تعالى : (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) [الآية ١٠].
استعارة. وقد مضى الكلام على نظيرها في البقرة. والمعنى أنهم لما أكلوا المال المؤدي إلى عذاب النار شبّهوا ، من هذا الوجه ، بالآكلين من النار.
وقوله تعالى : (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) [الآية ١٥].
استعارة لأن المتوفي ملك الموت فنقل الفعل إلى الموت على طريق المجاز والاتساع ، لأن حقيقة التوفي هي قبض الأرواح من الأجسام.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) [الآية ٣٣].
استعارة. والمراد بها والله أعلم : «أن من عقدتم بينكم وبينه عقدا ، فأدوا إليه ما يستحقه بذلك العقد عليكم» ، وإنما نسب المعاقدة إلى الأيمان على عادة العرب في ذلك. يقول قائلهم : أعطاني فلان صفقة يمينه على كذا ، وأخذت يد فلان مصافحة على كذا ، وعلى هذا النحو أيضا إضافة الملك إلى الأيمان في قوله تعالى : (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [الآية ٣٦] لأن الإنسان في الأغلب إنما يقبض المال المستحق بيمينه ويأخذ السلع المملوكة بيده.
وقوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [الآية ٤٦].
وهذه استعارة. والمراد بها ، والله
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.