مواضع فقال : «إلا في التوبة من الذنب ، وقضاء الدّين الحالّ ، وتزويج البكر البالغ ، ودفن الميت ، وإكرام الضيف إذا نزل». والمسارعة ، المأمور بها في الآية ، هي المسارعة إلى التوبة وما في معناها من أسباب المغفرة.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) [الآية ١٣٥] فعطف عليه بكلمة «أو» ، وفعل الفاحشة داخل في ظلم النفس ، بل هو أبلغ أنواع ظلم النفس؟
قلنا : أريد بالفاحشة نوع من أنواع ظلم النفس وهو الزنى ، أو كل كبيرة ، فخصّ بهذا الاسم تنبيها على زيادة قبحه ، وأريد بظلم النفس ما وراء ذلك من الذنوب.
فإن قيل : لم قال تعالى هنا : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) [الآية ١٣٥] وقال في موضع آخر (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (٣٧) [الشورى] وقال : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا) [الجاثية / ١٤].
قلنا : معناه ومن يستر الذنوب من جميع الوجوه إلا الله ، ومثل هذا الغفران لا يكون إلا من الله.
فإن قيل : لم قال تعالى (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) [الآية ١٤٤] ولم يقتصر على قوله (أَفَإِنْ ماتَ) والقتل متضمّن في الموت؟
قلنا : القتل ، وإن كان موتا ، لكن إذا أطلق الميت في العرف ، لم يفهم منه المقتول ، فلذلك عطف أحدهما على الآخر.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الآية ١٦١]. وقال في موضع آخر (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) [الأنعام / ٩٤].
قلنا : معناه : يأتي به مكتوبا في ديوانه ، أو يأتي به حاملا إثمه ، ومعنى «فرادى» منفردين عن الأموال والأهل ، أو عن الشر كله في الغي ، أو عن الآلهة المعبودة من دون الله. وتمام الآية يشهد للكل.
فإن قيل : قد جاء في الصحيحين عن النبي (ص) أن الغالّ يأتي يوم القيامة حاملا عين ما غلّه على عنقه ، صامتا كان أو ناطقا. هذا معنى الحديث ، فاندفع الجواب.
قلنا : على هذا يكون المراد بالآية الأخرى فرادى عن مال وأهل يعتزّون