إبراهيم إلى أن حرّمه إسرائيل ، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، على نفسه ، فبقيت تلك الحرمة في أولاده ، وذكر أن التوراة تشهد بذلك عليهم ، ثم أمرهم بعد هذا أن يتبعوا ما جاء به النبي (ص) من ملة إبراهيم ، وذكر أن البيت الحرام الذي يتوجه المسلمون إليه من بناء إبراهيم وابنه إسماعيل ، وفيه آيات بينات ، مقام إبراهيم وأمن الناس عنده وفرض الحج إليه على الناس جميعا. ثم وبخهم على كفرهم بآياته بعد هذا كله ، إلى أن قال : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٩٩).
تثبيت المؤمنين بعد رد مقالاتهم
الآيات [١٠٠ ـ ١٢٠]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) (١٠٠) ، فأخذ يثبّت المؤمنين ويحذرهم من التأثر بمقالاتهم ، وذكر أنهم إن يطيعوهم يردوهم إلى الكفر بعد إيمانهم ، ولا يليق بهم أن يعودوا إلى الكفر بعد هدايتهم. ثم أمرهم أن يتقوه حقّ تقواه فلا يسمعوا لأعدائه ، وأن يعتصموا بحبله جميعا ولا يعودوا إلى ما كانوا عليه من التفرق ، وأن يذكروا نعمته عليهم إذ كانوا أعداء فألّف بينهم ، وأن يجعلوا منهم أمة متحدة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ولا تكون كأهل الكتاب الذين ضلّوا فجعلوا يدعون إلى الكفر ، فاستحقوا عذاب الله في يوم تبيضّ فيه وجوه المؤمنين ، وتسودّ وجوه الكافرين ، ثم نوّه بشأن ما يتلوه من هذه الآيات الداعية إلى خير الناس ، وذكر أن له ما في السماوات وما في الأرض وإليه ترجع الأمور كلها ، ليحاسب الناس على خيرها وشرها.
ثم ذكر أن المؤمنين كانوا بهذه الهداية خير أمة أخرجت للناس ، وأن أهل الكتاب لو آمنوا مثلهم لكان خيرا لهم ، لأن أكثرهم فاسقون يفسدون في الأرض ، ثم ذكر أنهم ضعاف لا يضرونهم إلا بمثل تلك المقالات ، وأن اليهود منهم قد ضربت عليهم الذلة إلا أن يدخلوا في عهدهم ، ثم ذكر أنهم ليسوا في هذا سواء ، لأن منهم قوما انقطعوا لعبادته ، ولم يدخلوا في ما دخل فيه جمهورهم من كفرهم ، وذكر