المبحث الثامن
المعاني المجازية في سورة «آل عمران» (١)
قوله تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) [الآية ٧]. هذه استعارة. والمراد بها أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله. فهي بمنزلة الأم ، كأن سائر الكتاب يتبعها ويتعلق بها ، كما يتبع الولد آثار أمه ، ويفزع إليها في مهمّه.
وقوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) [الآية ٧]. وهذه استعارة. والمراد بها المتمكنون في العلم ، تشبيها برسوخ الشيء الثقيل في الأرض الخوّانة. وهو أبلغ من قوله : والثابتون في العلم.
وقوله تعالى : (وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (١٢) وهذه استعارة. والمعنى : بئس ما يمتهد ويفرش. ونظيره قوله (وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) (٢٩) [الكهف] ، وقوله سبحانه : (وَبِئْسَ الْقَرارُ) [إبراهيم / ٢٩].
وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [الآية ٢٢] وهذه استعارة ، والمراد فسدت أعمالهم فبطلت. وذلك مأخوذ من الحبط ، وهو داء ترم له أجواف الإبل ، فيكون سبب هلاكها ، وانقطاع آكالها.
وقوله تعالى : (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) [الآية ٢٧] وهذه استعارة ، وهي عبارة عجيبة عن إدخال هذا على هذا ، وهذا على هذا. والمعنى أن ما ينقصه من النهار يزيده في الليل ، وما ينقصه من الليل يزيده في النهار. ولفظ الإيلاج هاهنا أبلغ ،
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرخ.