المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «المائدة» (١)
١ ـ قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) [الآية ٢].
الشعائر جمع شعيرة ، وهي اسم ما أشعر ، أي : جعل شعارا وعلما للنّسك ، من مواقف الحجّ ، ومرامي الجمار ، والمطاف ، والمسعى ، والأفعال التي هي علامات الحجّ يعرف بها من الإحرام ، والطواف ، والسّعي ، والحلق ، والنّحر.
ولا بد لنا أن نبسط هذه المادة اللغوية ، لنعرف شيئا مما يتصل بها ، ولنبدأ بالشّعار فنقول :
الشّعار : العلامة في الحرب وغيرها.
وشعار العساكر أن يسموا لها علامة ينصبونها ، ليعرف الرجل بها رفقته. وفي الحديث : «إن شعار أصحاب رسول الله (ص) كان في الغزو : يا منصور أمت أمت!» وهو تفاؤل بالنّصر بعد الأمر بالإماتة. واستشعر القوم : إذا تداعوا بالشّعار في الحرب ، قال النابغة :
مستشعرين قد الفوا في ديارهم |
|
دعاء سوع ودعميّ وأيّوب |
وشعار القوم : علامتهم في السّفر. وأشعر القوم في سفرهم : جعلوا لأنفسهم شعارا.
قال الأزهري : ولا أدري مشاعر الحجّ إلّا من هذا ، لأنها علامات له.
أقول : إذا كان من معاني الشّعار العلامة ، فكأن «الشّعيرة» وهي البدنة
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرائي ، مؤسسة الرسالة العربية ، بيروت ، غير مؤرّخ.