المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «النساء» (١)
إن قيل عن قوله تعالى : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) [الآية الأولى] : إذا كانت حواء مخلوقة من آدم ، ونحن مخلوقون منه أيضا ، تكون نسبة حواء إلى آدم نسبة الولد : لأنها متفرعة منه ، فتكون أختا لنا ، لا أما.
قلنا : ثمة قولان : الأول أن بعض المفسرين قالوا : «من» لبيان الجنس لا للتبعيض ، معناه : وخلق من جنسها زوجها كما في قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة / ١٢٨]. الثاني ، وهو الذي عليه الجمهور ، أنها للتبعيض ، ولكنّ خلق حواء من آدم لم يكن بطريق التوليد كخلق الأولاد من الآباء ، فلا يلزم منه ثبوت البنتيّة والأختية فيها.
فإن قيل : لم قال تعالى (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) [الآية ٢] واليتيم لا يعطى ماله حتى يبلغ اتفاقا؟
قلنا : المراد به إذا بلغوا ؛ وإنما سمّوا يتامى لقرب عهدهم بالبلوغ باعتبار ما كان ، كما تسمى الناقة عشراء بعد الوضع ، وقد يسمى البالغ يتيما باعتبار ما كان ، كما يسمى الحي ميّتا والعنب خمرا باعتبار ما يكون ، قال الله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (٣٠) [الزّمر] وقال (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) [يوسف / ٣٦] ومنه قولهم للنبي (ص) بعد ما نبأه الله : يتيم أبي طالب.
فإن قيل : أكل مال اليتيم حرام وحده ومع أموال الأوصياء ، فلم ورد النهي مخصوصا عن أكله معها لقوله تعالى :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.