من دسائس المنافقين ، وحيل المبطلين وخداع اليهود والمشركين ، وتذكّرهم أن يظلوا إخوة معتصمين بحبل الله متحدين برباط الأخوّة والمودة ، متضامنين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى تدوم لهم وحدتهم وتستقر دولتهم ، قال تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) (١٠٠) وقال سبحانه :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
(٦)
القرآن
كتاب الوجود والخلود
هذا القرآن هو كتاب الدعوة الإسلامية ، هو روحها وباعثها ، هو قوامها وكيانها ، هو حارسها وراعيها ، هو بيانها وترجمانها ، هو دستورها ومنهجها ، هو في النهاية المرجع الذي تستمد منه الدعوة ، كما يستمد منه الدعاة ، وسائل العمل ومناهج الحركة وزاد الطريق ..
ولكن ستظل هنالك فجوة عميقة بيننا وبين القرآن ما لم نتمثل في حسّنا ، ونستحضر في تصورنا ، أن هذا القرآن ، خوطبت به أمة حية ، ذات وجود حقيقي ، ووجهت به أحداث واقعية في حياة هذه الأمة ، ووجهت به حياة إنسانية حقيقية في هذه الأرض ، وأديرت به معركة ضخمة في داخل النفس البشرية ، وفي رقعة من الأرض كذلك ، معركة تموج بالتطورات والانفعالات والاستجابة.
* * *
وسيظل هنالك حاجز سميك بين قلوبنا وبين القرآن ، ما دمنا نتلوه أو نسمعه كأنه مجرد تراتيل تعبدية مهوّمة ، لا علاقة لها بواقعيات الحياة البشرية اليومية التي تواجه الإنسان والتي تواجه الأمة الإسلامية ، في حين أن هذه الآيات قد نزلت لتواجه نفوسا ووقائع وأحداثا حية ، ذات وجود واقعي حي ، ووجهت بالفعل تلك النفوس والوقائع والأحداث توجيها واقعيا حيا نشأ عنه وجود ذو خصائص في حياة (الإنسان) بصفة عامة ، وفي حياة الأمة الإسلامية بوجه خاص.
* * *