والحاصل أنّ عدم القدرة أو الشك فيها من جهة الجهل ليس مانعا عن التكليف وإلّا لكان كل جاهل غير مكلف لفقدان القدرة التي هي شرط التكليف ولو كان مقصّرا ، ولكان عدّ العلم شرطا لتنجّز التكليف بعد اعتبار القدرة شرطا لأصل التكليف لغوا باعتبار كون الجاهل غير قادر ، وفيه ما فيه.
ثم لا يخفى أنه لم يعهد من أحد من الفقهاء التزام ما ذكرنا من الاحتياط بين الأداء والقضاء في نظائر المقام على ما ظفرنا من كلماتهم كالصلاة إلى أربع جهات لمن اشتبه عليه القبلة ، والصلاة في الثوبين يعلم بنجاسة أحدهما إلى غير ذلك ، فإنّ ظاهر كلامهم أنه إن ضاق الوقت عن الاحتياط التام يقتصر على القدر الممكن ولو صلاة واحدة في الوقت ولا قضاء ، مع أنّ مقتضى ما ذكرنا وجوب الاحتياط بفعل القدر الممكن من أطراف الشبهة في الوقت والباقي خارج الوقت فكيف ذلك ، وغفلتهم عن ذلك بعيد ، إلّا أنّ الظاهر أن هذه الأمثلة ليست نظيرا لما نحن فيه بل نقول فيها إنّ شرطية القبلة وطهارة اللباس ساقطة حال عدم إمكان إحرازهما في الوقت ولذا لا يجب القضاء ، وأما فيما نحن فيه فنتكلم عليه على تقدير إطلاق الشرطية أو المانعية ، وإن أبيت إلّا عن أنّ دليل شرطية القبلة وطهارة اللباس أيضا مطلق فيمكن حمله على المقيد بحال القدرة بقرينة فهم الأصحاب طرا على الظاهر ، وسيأتي لذلك زيادة توضيح في الحاشية الآتية.
قوله : فيدور الأمر بين مراعاة ذلك الشرط المردد وبين مراعاة شرط الجزم (١).
هذه العبارة تحتمل وجهين : الأول أنه يدور الأمر بين الاحتياط اللازم
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٠١.