قوله : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) معناه أنّ الأحكام المجعولة المستكشفة بالأدلة المعهودة ما جعل الله أفرادها الحرجية ، فهو من باب الحكومة كما هو مختار المصنف ، ولو قيل : إنّ معناه أنّ الله لم يجعل حكما حرجيا في الشريعة من غير نظر إلى سائر الأدلة الدالة على المجعولات الشرعية فهو من باب التعارض والتخصيص لو قدّمناه ، ويحتمل الوجهين قوله (عليهالسلام) : «لا سهو في النافلة» (٢) وقوله (عليهالسلام) : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة» (٣) وإن كان الأظهر في الكل الحكومة.
ثم اعلم أنّ الحكومة إما قصدية وإما قهرية ، والمراد بالأول أن يكون المتكلّم بالدليل الحاكم قاصدا لشرح دليل المحكوم بتخصيصه أو تقييده كأغلب الأمثلة المذكورة ، ومن هذا الباب عند المصنف حكومة الأدلة الاجتهادية بالنسبة إلى الأصول العملية كالاستصحاب والبراءة الشرعية ، لكنه خلاف التحقيق.
والمراد بالثاني أن يكون الدليل الحاكم مجعولا على وجه يلزم منه سقوط المحكوم عن الاعتبار فيما يقابل الدليل الحاكم ، وذلك كما في حكومة الأدلة الاجتهادية على الأصول العملية الشرعية على التحقيق عندنا ، فإنّ من الواضح أنّ قوله (عليهالسلام) صدّق العادل لم يقصد منه إلغاء الأصل المجعول في مورد خبر العادل على خلافه كما اختاره المصنف في أول رسالة التعادل والترجيح ، بل نقول إنّ لازم جعل الخبر حجة على هذا الوجه أي بأن يقول صدّق العادل يعني اجعل مفاد قوله واقعا والغ احتمال الخلاف وكن كما أنك مدرك للواقع
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٧٨.
(٢) الوسائل ٨ : ٢٤١ / أبواب الخلل في الصلاة ب ٢٤ ح ٨.
(٣) الوسائل ٧ : ٢٣٤ / أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ٤.