كلام ظاهرا في رفع الاحتياط بما يرتفع به الحرج فلا يجب أو لا يجوز الاحتياط في مقدار الحرج على الوجهين في كون حكم رفع الحرج عزيمة أو رخصة ، وإنما الكلام في وجه حكومة أدلة الحرج على دليل الاحتياط لأنّ أدلة الحرج إنما تجري حكومتها بالنسبة إلى المجعولات الشرعية لا الأحكام العقلية ، فإن قيل فيما نحن فيه بارتفاع الحكم الواقعي بالحرج لزم عدم وجوب الاحتياط بالنسبة إلى القدر الميسور منه أيضا ولا يقولون به ، مع أنّ الحرج إنما لزم من الاحتياط لا من الواقع بنفسه فلا وجه لرفع الواقع ، وإن قيل بارتفاع تنجّز الواقع المقتضي للاحتياط لزم تخصيص حكم العقل وهو غير جائز.
والجواب أنا نختار الشق الثاني ونلتزم برفع الحرج لنفس الاحتياط ، ولا يلزم تخصيص حكم العقل لأنّ حكم العقل من الأول معلق على عدم ترخيص الشارع لترك الاحتياط على ما مرّ وجهه وبيان جواز كون حكم العقل معلقا في السابق غير مرة. ولا يخفى أنّ أكثر هذه الأمور الخمسة أو جميعها قد تقدم متفرقا في الأبواب السابقة وإنما المقصود هنا مجرّد التنبيه والتذكار فتذكّر.
قوله : فقد تقدّم أنها غير مشروطة بالفحص (١).
يعني تقدم منه إجمالا في الشبهة الموضوعية التحريمية وإلّا فالتفصيل الفصيل والتعرض للخلاف والمخالف ودليله والجواب عنه سيأتي في آخر هذا المبحث ، وقد أشرنا إليه سابقا في الجملة ، وسنتعرض أيضا عند تعرّض المصنف له إن شاء الله ما يسعنا في تحقيقه.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤١١.