الشهوة التى هى كالعبد الجالب للطعام إلى المدينة قد يكون خبيثا مكارا مخادعا يتمثل بصورة الناصح لكن يجلب نصحه كل شر هائل ، وسم قاتل ، وتكون عادته منازعة الوزير الناصح فى كل تدبيره ، وكما أنه يجب على الملك العاقل أن يسلط وزيره الناصح على العبد الجالب للطعام المخادع ثم على صاحب الشرطة ، وان لا يلتفت إلى تخليطها فى حق الوزير ، ليستقيم أمر المدينة ، فكذا (١) النفس الناطقة متى استنار بنور العقل واستضاء بضوء العلم والحكمة ، وجعل الشهوة والغضب مقهورين استقام أمر هذه الحياة الجسمانية (الورقة ٢٧٤ ظ) ومن عدل عن هذه الطريقة كان كمن قال الله تعالى فى حقه : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ). وقال : (وَاتَّبَعَ هَواهُ (٤ ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) (٢) (٥ ، وقال : (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٦ ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى).
المثال الثالث : البدن كالمدينة (٧ ، والنفس الناطقة كالملك ، والحواس الظاهرة والباطنة كالجنود والاعضاء كالرعية والشهوة والغضب كعدو ينازعه فى مملكته ويسعى فى اهلاك رعيته ، فان قصد الملك قهر ذلك العدو استقامت المملكة وارتفعت الخصومة ، كما قال الله تعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) (٨ ـ وان لم ينازع عدوه وضيع مملكة اختلت مملكته ، وصارت عاقبة امره الى الهلاك.
المثال الرابع : مثل النفس الناطقة مثل فارس (٩ ركب لأجل
__________________
(١) المخطوطة : فكذى
(٢) أيضا : القلب ،