التاسع عشر (١) ، رزقه إن قدر له فلا حاجة إلى الطلب ، وإن لم بقدر لم ينفع الطلب ولا الحرص ، ولقائل أن يقول : هذا يقتضي أن لا يسعى فى طلب المعارف واكتساب الفضائل ولا فى تحصيل الأكل والشرب ودفع المضرات ، فانه ان قدر حصل وإن لم يقدر لم يحصل ، الجواب أن البحث والاستقراء أدانا إلى ان الارزاق قد رأيناها تحصل هجما بلا سعى ولا طلب تارة ورأيناها يفوت الطالب المتعوب المجد ، وأما العلوم والفضائل (٢) فقلما حصلت هجما على الفور ولا بغير طلب وتعلم ووجه آخر.
العشرون (٣) ان صاحب المال يحتاج إلى الجهد الشديد فى حفظه وصونه عن الآفات والهلاك ، بل إن تلف حصل له الغم الشديد ، وإن لم يتلف فلا يزال خائفا عليه متعوبا لاجله.
أما المتجرد عن المال باكتساب كمالات النفس فانه خال عن هذا الخوف والتعب.
الحادى والعشرون (٤) أن أموال الدنيا وعروضها عدوة لله تعالى ولأوليائه ، لأنها تشغلهم عن تحصيل الجنة ، وعدوة لأعداء الله لأنها تسوقهم إلى النار ، وعدوة لنفسها لأنها يأكل بعضها بعضا ، فإن صاحب المال يحتاج فى خزنه وحفظه إلى الخزائن والاعلاق وإلى التحصين والتوفيق وإلى الخزائن والاعوان ، وإلى العساكر والجنود ، وكل ذلك يحتاج إلى الحرج منه والنفات ، فثبت ان المال يأكل بعضه ويفنى نفسه.
__________________
(١) المخطوطة : العشرون ،
(٢) أيضا : ولا الفضائل ،
(٣) أيضا : الحادى والعشرون ،
(٤) أيضا : الثانى والعشرون ،