له ـ اختلفوا فى هذا ، فقال قوم : الأولى ترك هذا الرصد ، ويدل عليه وجوه :
(الأول) أن الترصد لدفع الشيطان يوجب الإعراض عن ذكر الله ، فالترصد وقوع فى حبالة الشيطان.
الثانى أن الترصد للشيطان اعتماد على النقس ، والتفويض إلى الله اعتماد على الحق ، فمن ترصد للشيطان فقد اعتمد على نفسه ، فقد وقع فى حبالة الشيطان.
الثالث الشيطان مخلوق ضعيف (٢٥ لا قدرة له على شيء كما قال الله تعالى حاكيا عنه : (ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) (٢٦ ـ وأما الحق سبحانه ، فله الأمر والنهى ، والتفويض إلى الحق بعينه على الحذر ، لأن من توكل على الله كفاه.
الرابع أن الإنسان لا يمكنه أن يتوكل على الله الا إذا عرف أنه العالم بكل المعلومات ، والقادر على كل المقدورات ، وله رحمة عامة ، وفضله وقضاءه شامل ، وأنه لا مقدرة لاحد على مقدرته ، ولا رحمة لاحد مع رحمته ، ومتى استنار القلب بهذه المعارف لم يجد الشيطان إليه سبيلا ـ فصارت هذه المعارف شيئا لحصول الامان من منابذة الشيطان.
أما من نرصده لدفع وساوسه احتاج إلى استنباط الحيل.
وقال آخرون : «بل لا بدّ من الحذر من الشيطان» (٢٧ ، واحتجّوا عليه بأن الاستغراق فى المعرفة والمحبة لا يخلص عن نزعات الشيطان ، لأن الأنبياء كانوا أعظم الناس قدرا فى المعرفة والمحبة ، مع أنهم ما خلوا عن نزغات الشيطان ، قال تعالى : «وَما أَرْسَلْنا مِنْ